دراسة حول “إعادة الإعمار”.. رفع معدلات الضريبة على الأرباح وبنك يمول بسندات حكومية
اقترحت دراسة حديثة نشرها مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» عدة مصادر وآليات لتمويل إعادة الإعمار في سورية، داخلية وخارجية.
الدراسة التي أعدّها أحمد الحسن بعنوان «أفكار مقترحة لتمويل إعادة الإعمار في سورية»، ركّزت على السياستين المالية والنقدية لتأمين التمويل المحلي المطلوب، إلى جانب سياسات داعمة أخرى، في حين ذكرت عدة مصادر خارجية على القروض والمنح، لكن ما سوف نركز عليه هو المصادر الداخلية.
بداية مع السياسة المالية والنقدية، فقد اقترحت الدراسة فيما يتعلق بالموازنة العامة للدولة؛ العمل على زيادة الإيرادات، وتحسين عملية التحصيل، بوساطة استمرار العمل على مكافحة التهرب الضريبي، وزيادة التحصيل الضريبي، وفرض ضريبة على الثروة، لتحقيق مبدأ عدالة توزيع أعباء الدمار، ورفع معدلات الضريبة على الأرباح، وإعفاء ما يعاد توظيفه منها في عمليات الإنتاج الحقيقي.
كما اقترحت الدراسة فرض رسوم جمركية عالية على السلع والخدمات الكماليّة غير الضرورية لزيادة الإنتاج أو لإشباع حاجات أساسية، وفرض رسوم جمركية عالية على السلع التي لها بدائل داخلية، وإعادة النظر بالإعفاءات الضريبية للمشاريع الاستثمارية، وخاصة الخدمية منها، إضافة لضمان تحصيل عائدات أملاك الدولة بأشكالها المختلفة وبالشكل الأمثل، والإسراع في إعادة استثمار حقول الغاز والنفط الممكنة، بموجب عقود مع شركات دولية، بما يوفر موارد إضافية للموازنة العامة للدولة، والإسراع في تشغيل الشركات الاقتصادية القابلة لإعادة الإنتاج مباشرة.
المركزي والسوق المالي
رأت الدراسة أن دور المصرف المركزي في مرحلة إعادة الإعمار يتمثل بتأمين استقرار نسبيّ لسعر الصرف، بهدف الإبقاء على ثبات القوّة الشرائية للعملة المحلية وتعزيز الثقة بها، واستهداف معدلات تضخم منضبطة، وتحديد معدلات فوائد على حسابات التوفير طويلة الأجل، تساعد على رفع معدلات الادخار بهدف زيادة حجم تمويل الاستثمار.
إضافة إلى تحديد معدلات فوائد على التسليف داعمة للاستثمار في القطاعات الاقتصادية ذات العائد الأعلى للناتج، وتطبيق قواعد استثنائية على الحدّ الأدنى للسيولة، ونسبة الاحتياطي القانوني للمصارف في تمويل العمليات الإنتاجية ذات الأولوية في عملية إعادة الإعمار.
وفيما يخص المصارف، اقترحت الدراسة إعادة النظر في التشريعات الناظمة للعمل المصرفي، والتشريعات الإدارية والتشغيلية، بحيث تكون أكثر مرونة وأكثر فعالية، لتتمكن من الإسهام بفاعلية في تمويل عملية إعادة الإعمار، وإحداث بنك لإعادة الإعمار (بنك التنمية) الذي سيشكل إلى جانب البنك المركزي أداة رئيسة يُمكن للحكومة السورية استخدامها لتوجيه الائتمان لإنجاز عملية إعادة الإعمار بأسرع ما يمكن، ويوفر رأس المال الأولي لهذا البنك بإصدار سندات حكومية يشتريها المواطن السوري في الداخل والخارج، ووضع النظام الخاص بعمل هذا البنك، وفق أفضل التجارب الدولية بهذا الشأن.
ورأت الدراسة أن دور هيئة الأوراق المالية يجب أن يقوم على تطوير عملها بشكل عام، وبشكل خاص للقيام بوظائفها المهمة في تحفيز وتشجيع قيام الشركات المساهمة وتفعيل عملها في المرحلة القادمة، بوساطة إدراج أسهم الشركات المساهمة في سوق الأوراق المالية، بعد استكمال تأسيسها مباشرة، إذا حققت شروط الإدراج ومتطلباته، وتخفيض كل من رأسمال الشركات المساهمة المطلوب للدخول في هيئة الأوراق المالية والرسوم والمصاريف الأخرى.
إجراءات داعمة أخرى
اقترحت الدراسة إجراءات داعمة للسياستين النقدية والمالية، وذلك بهدف حشد الموارد الوطنية لنجاح عملية إعادة الإعمار، تمثلت بإقامة صناديق استثمار بمشاركة الفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة كافةً فيها، تحديداً شركات التأمين، وصناديق التقاعد للأطباء والمهندسين والصيادلة، والجهات الحكومية التي لديها فوائض مؤقتة أو دائمة كمؤسسة التأمينات الاجتماعية، ومؤسسة التأمين والمعاشات، وصناديق اتحادات الغرف التجارية والصناعية والزراعية والسياحية.
إضافة لإنشاء شركات مساهمة عامة تخصصية في مجالات الإسكان، والإنشاءات، والإسمنت ومواد البناء، والصناعات الغذائية، والصناعات النسيجية، والإنتاج الزراعي والحيواني، وشركات التسويق الزراعي، والتطبيق الجيد لقانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص، كونه أحد المصادر الأساسية لتمويل إعادة الاعمار في سورية، وخدمة عملية التنمية؛ ذلك بالتركيز على المشاريع الإنتاجية الأساسية والبنية التحتية، وتشكيل أقطاب نموّ في القطاعات الإستراتيجية وفق الخطة التنموية الوطنية الموضوعة.
ومن المقترحات الداعمة وضع ضوابط سليمة وواضحة لكيفية وآلية منح القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل الشركة السورية للاستثمارات المحدثة بالمرسوم التشريعي رقم 81 لعام 2010، ووضع السياسات والإجراءات المناسبة لتحفيز وتشجيع عودة رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة، وتشجيع وتحفيز العمل التطوعي للقيام ببعض الأعمال كترميم المدارس والمراكز الصحية والطرق وشبكات المياه والصرف الصحي وغيرها من الأعمال، وإعادة تدوير ركام المباني لإعادة استخدامه، وبما يمكن من تخفيض تكلفة إعادة البناء.
واقترحت الدراسة أيضاً وضع أولوية متشددة في عملية إعادة بناء الأبنية العامة بحسب الحاجة، والتركيز في تصميم وبناء الأبنية الحكومية على أساس اقتصادي وبما يخدم وظيفة البناء، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، ودمج المؤسسات ذات الوظائف المتشابهة، للاستفادة من المباني القائمة لهذه الغاية، وتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، وإعادة النظر في استخدامات مواقع الشركات والمعامل المدمرة تدميراً كاملاً بحسب موقعها، وتحويل توصيف أراضيها من صناعي إلى عقاري/ تجاري، وبيعها بهذه الصفة، وإعادة النظر في جدوى استمرار الشركات الصناعية المدمرة جزئياً في ضوء حاجة السوق، وتنافسية المنتــج، وبيعها في حال عدم الجدوى، وتحويل المناطق المدمرة في مراكز المدن من الاستخدام السـكنيّ إلى مراكــز تجارية ومرافق خدمية، والاستفادة من عائداتهــا بإنشاء ضواحٍ سـكنية جديدة، والاســتعانة برجال الدّين لتفعيــل اســتخدام مـوارد العمل الخيـري في تمويـل أعمــال تنموية.