الدولار في “السوداء” وصل إلى 550 ليرة
تعددت الرؤى والوجهة واحدة، استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، ففي الوقت الذي يظهر المركزي رغبة في ثبات نشرته الرسمية لسعر الصرف أمام السوق السوداء، يعتبر البعض أنه لابد للمركزي الدفاع عن سعر الصرف الذي يحقق الفائدة الأعم.
وفي هذا السياق، صرّح رئيس جمعية المحللين الماليين السورية إحسان الكيلاني لـ«الوطن» أنه من غير الصحي وجود مثل هذا الفارق الحاصل حالياً بين سعر الصرف في النشرة الرسمية وسعره في السوق السوداء -نحو 120 ليرة زيادة لمصلحة السعر في السوق السوداء- وذلك للعديد من المحاذير، أبرزها أنه يفتح الباب للتلاعب والفساد، وخاصة لدى بعض المصارف التي تمول المستوردات وفق نشرة المركزي.
لكن في حال الذهاب للجانب الآخر وتوجه البنك المركزي نحو اللحاق بأسعار السوق السوداء عبر رفع سعر الصرف في النشرة الرسمية، فإن هذا يعطي إشارة للتجار والمضاربين بأن البنك المركزي قد قبل بالسعر الحالي للسوق السوداء، وأن المركزي غير قادر على تخفيض السعر، وبالتالي لجأ إلى رفع سعر النشرة المركزية، وهو ما سيؤدي لاحقاً إلى ارتفاع إضافي لسعر السوق السوداء مجدداً، وخاصة أن الارتفاع المستمر لسعر الصرف هو عامل مؤذ للاقتصاد، وخصوصاً للحكومة التي يكون فيها حجم وتنوع الاستيراد أكبر من حجم وتنوع التصدير، لأن ارتفاع سعر الصرف يؤدي إلى ارتفاع أسعار البضائع وانخفاض القوة الشرائية، أي مزيد من التضخم، وفي مثل هذه البيئة سوف يصبح الاستثمار غير مجدٍ من وجهة الكثير من العاملين في قطاع الأعمال، وبالتالي هذا يؤدي إلى ضرر على التجارة الداخلية، بل إن مثل هذا الحال يهدد أمن التجارة الداخلية.
لذا، أكد الكيلاني أن ثبات سعر الصرف عند مستوى معين هو عامل مهم وأساسي لانتعاش التجارة وتشجيع الاستثمار، مبيناً أن الكثير من الاقتصاديين يخطئون عندما يعتقدون أن معالجة سعر الصرف هو فقط عن طريق استخدام أدوات السياسة النقدية وتجاهل السياسة المالية، وبالتالي فعندما يعتقد الاقتصاديون أنه إذا تم رفع سعر الفائدة على الليرة السورية فإن ذلك سوف يشجع الناس على إيداع أموالهم بالليرة السورية بهدف الحصول على مبلغ الفائدة وبالتالي سوف تنخفض الكتلة المتداولة من الليرة السورية، وبالتالي تنخفض المضاربة على الدولار؛ فإن هذا الاعتقاد غير صحيح تماماً، لأن أي ارتفاع لسعر الفائدة أعلى من سعر توزاني مدروس بحسب اقتصاد الدولة من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاستثمار وارتفاع الأسعار، وإلى مزيد من التضخم، وبالتالي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الليرة.
وعن رفع معدلات الفوائد على الودائع من العملات الأجنبية ودوره في دعم استقرار سعر الصرف، بين الكيلاني أن المعالجة بهذا الشكل ليست صحيحة بشكل كامل، لأنه في حال رفع سعر الفائدة على الدولار لأكثر من الليرة فإن الكثير من المدخرين سيتجهون لتحويل ما لديهم من مدخرات إن كانت بالليرة السورية إلى دولار وإيداعها بالبنوك بهدف الحصول على مبلغ الفائدة، وهذا بدوره قد يؤدي للضغط على سعر الصرف، وبالتالي أي معالجة أحادية الجانب بمعنى الاعتماد على أدوات السياسة النقدية فقط هو أمر غير صائب، لأن السياسة النقدية تكون مجدية على المدى القصير، وفي حال أردنا حلولاً على مدى أطول لابد من إشراك أدوات أخرى خاصة السياسة المالية.
وفي هذا السياق، ذكر مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» في تقريره الأسبوعي أمس أن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي قد تراجع بشكل طفيف في السوق مقارنة بمستوياته المسجلة في الأسبوع السابق، وليصل مستواه بالمتوسط عند 545 ليرة سورية للشراء وعند 550 ليرة سورية للمبيع مقابل الدولار الأميركي الواحد؛ ويعود ذلك بصورة رئيسة إلى استمرار عمليات المضاربة على الليرة السورية، والطلب المتواصل على الدولار الأميركي في السوق المحلية لتأمين تمويل بعض المستوردات (ولاسيما المشتقات النفطية والقمح)، إضافة إلى ارتفاع مستوى سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسة في الأسواق العالمية خلال تعاملات هذا الأسبوع، إلى جانب استمرار الضغوط على الليرة السورية والناجمة عن استمرار تداعيات العقوبات الأميركية القسرية أحادية الجانب على الاقتصاد السوري.
أما في السوق الرسمية فقد استقر سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي لدى المصارف وشركات الصرافة، حيث ما زال مصرف سورية المركزي مستمراً في تثبيت سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي عند مستوى 436 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد، وكذلك سعر شراء الدولار الأميركي لتسليم الحوالات الشخصية الواردة من الخارج بالليرات السورية عند مستوى 434 ليرة سورية، وسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي بموجب النشرة الرسمية عند مستوى 438 ليرة سورية للمبيع، 435 ليرة سورية للشراء.
عبد الهادي شباط