سورية

الرئيس الأسد لـ “الوطن”: تحرير حلب يعني ضرب مشروع الإرهابيين وداعميهم من قاعدته

معركة حلب

الوطن: سيادة الرئيس، نبدأ من حلب، الجيش يتقدم في الأحياء الشرقية من حلب وبسرعة، لكن هناك مساعي أميركية وأممية أيضاً، وهناك مفاوضات مع روسيا لوقف القتال كلياً في هذه المناطق، هل قرار تحرير حلب بالكامل اتُّخذ؟

قرار تحرير كل سورية متّخذ منذ البداية، بما فيها حلب. لم نفكر في أي يوم من الأيام بتركِ أي منطقة من دون تحرير، لكن تطوّر الأعمال القتالية في السنة الأخيرة هو الذي أدى لهذه النتائج العسكرية التي نراها مؤخراً، أي إن عملية تحرير المنطقة الشرقية من حلب مؤخراً لا تأتي في إطار سياسي وإنما في سياق الأعمال العسكرية الطبيعية.

الوطن: لماذا هذا الذعر الدولي والخوف على المسلحين داخل الأحياء الشرقية من حلب، علماً أن أغلبيتهم من «النصرة» المصنّفة على لوائح الإرهاب؟

هناك عدة أسباب.. أولاً، بعد إخفاق معركة دمشق، أو معارك دمشق في السنوات الأولى من الأزمة، وبعدها إخفاق معارك حمص التي كان من المفترض أن تكون أحد معاقل الثورة الوهمية، أو الثورة المفترضة، انتقلوا إلى حلب كأمل أخير بالنسبة لهم.. وميزة حلب بالنسبة للإرهابيين وداعميهم أنها قريبة من تركيا، وبالتالي فالإمداد اللوجستي إلى حلب أسهل بكثير من جميع النواحي، فكان كل التركيز خلال السنتين الأخيرتين على موضوع حلب، لذلك فإن تحرير حلب من الإرهابيين يعني ضرب المشروع من قاعدته.. فدمشق مع حمص وحلب، يعني ألا يبقى في يدهم أوراق حقيقية، بالنسبة لتلك الدول، وبالنسبة للإرهابيين طبعاً.

الوطن: هذا يقودنا إلى السؤال حول مقولة «من يربح معركة حلب يربح الحرب في سورية».. هذا ما يروّجه كثيراً الأتراك والأميركيون. هل هي مقولة صحيحة؟

من الناحية العسكرية، لنقل إنها صحيحة، لأن دمشق وحلب أهم مدينتين، فمن يربح من الناحية العسكرية في دمشق أو حلب يحقّق إنجازاً سياسياً وعسكرياً كبيراً، لكونها مدناً مهمة سياسياً واقتصادياً.. هذا بالمعنى الإستراتيجي. لكن بالنسبة إلى حلب، ولأن المشروع التركي مبنيّ عليها، فإن ذلك يعطيها أهمية خاصة.. وكلنا نعلم اليوم أن كل الدول الغربية والإقليمية تعتمد على تركيا في تنفيذ مشروعها التخريبي والتدميري في سورية، ودعم الإرهابيين.. فلأن تركيا وضعت كل ثقلها وأردوغان وضع كل رهانه على موضوع حلب، ففشل المعركة في حلب يعني تحوّل مجرى الحرب في كل سورية، وبالتالي سقوط المشروع الخارجي، سواء كان إقليمياً أم غربياً، لهذا السبب، صحيح أن معركة حلب ستكون ربحاً، لكن لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سورية.. أي إنها تعني محطة كبيرة باتجاه هذه النهاية، لكن لا تنتهي الحرب في سورية إلا بعد القضاء على الإرهاب تماماً، فالإرهابيون موجودون في مناطق أخرى، حتى لو انتهينا من حلب، فإننا سنتابع الحرب عليهم.

الوطن: سيادة الرئيس، في هذا السياق هناك أسئلة يطرحها حتى الحلبيون، لماذا كل هذه الهدن المتكررة التي حصلت في حلب. طوال العام الماضي كان هناك هدنة تلو أخرى، هل كان ذلك لتجنيب الجيش معركة كبيرة، أم لفتح المجال لروسيا لخوض مفاوضات مع الولايات المتحدة وتركيا؟

إذا نظرنا إلى الهدن بشكل عام، فنحن كنا نسير دائماً مع مبدأ الهدنة، وذلك لأسباب عدة.. أوّلاً، الهدنة تفسح المجال للمدنيين للخروج من المناطق التي يحتلها الإرهابيون، تعطي المجال لإدخال المساعدات الإنسانية، وتعطي الإرهابيين فرصة لإعادة التفكير في موقفهم في حال أرادوا أن يقوموا بتسوية أوضاعهم مع الدولة، أو في حال أرادوا الخروج من المنطقة التي يحتلونها كما يحصل عادة.. الهدنة تعطي الفرصة للتخفيف من التدمير. وفي الوقت نفسه، نحن بالنسبة لنا من الناحية العسكرية، أولى أولوياتنا سلامة وأمان المقاتل.. فبكل تأكيد من كل هذه الجوانب، الهدنة لها فوائد، ولذلك كنا دائماً نسير باتجاهها، والمصالحات هي إحدى نتائج هذه الهدن.. من المؤكد أنها حققت نتائج على الأرض.. لكن لو أخذنا حلب بشكل خاص، فلأن حلب كانت أساس المشروع المعادي مؤخراً، فإن طلب الهدنة من القوى الأخرى لم يكن للأسباب التي ذكرناها الآن، بل كان لأسباب أخرى.. كلنا نعرف أنهم يريدون أن يعطوا الإرهابي فرصة لكي يتنفس، ولكي يقوي موقعه، ولكي يقوموا بإرسال إمدادات لوجستية له سواء عبر التهريب، أم تحت غطاء مساعدات إنسانية أو ما شابه، كل ذلك ليتمكن الإرهابيون من استعادة مواقع خسروها أو ليقوموا بالهجوم على الجيش وإكمال الخطط التي كُلفوا بها، لذلك كانت الهدن تفشل.. وفي الوقت نفسه، من الناحية السياسية، الهدن كانت بالنسبة لنا مفيدة لكي نثبت لكل من لديه شك بأن هذه الدول تكذب وأنها تريد هذه الهدنة ليس من أجل الشعب، وليس لأنها حريصة على وقف سفك الدماء، ولكن لأنها تريد شيئاً واحداً فقط هو تعزيز مواقع الإرهابيين.. لذلك كنا نسير معهم بالهدنة مع الأخذ في الاعتبار النيات الحقيقية لهذه الدول.. وعندما كانوا يقومون بأي عمل يضرّ بمبدأ الهدنة، كنا نعتبرها لاغية ونتابع الأعمال القتالية. هذا هو السبب بالنسبة للهدن المتكررة بشكل عام، ولكن بشكل خاص في حلب.

الوطن: إذاً، هل انتهت الهدن اليوم؟

عملياً غير موجودة طبعاً.. هم ما زالوا مصرّين على طلب الهدنة، وخاصة الأميركيين، لأن عملاءهم من الإرهابيين أصبحوا في وضع صعب.. لذلك تسمع الصراخ والعويل واستجداء الهدنة هو الخطاب السياسي الوحيد الآن، بالإضافة طبعاً إلى الحديث عن النواحي الإنسانية.

الوطن أون لاين

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock