اقتصاد

«الصناعي»: جاهزون للتمويل مع تسهيلات.. مشكلات الشركات 30 بالمئة تمويلية

في الوقت الذي تعاني فيه معظم المصارف العامة من زيادة في السيولة وتتجه لتخفيض معدلات الفوائد الممنوحة على الودائع لتحمي نفسها من الخسارة جراء ضعف الفرص المتاحة لتشغيل هذه الودائع، نجد العديد من المؤسسات والشركات الصناعية في القطاع العام تعاني من غياب التمويل وتوقفت خطوط إنتاجها وأنشطتها الاقتصادية، وهنا يبرز السؤال: لماذا لا تتجه المؤسسات والشركات العامة لتأمين احتياجاتها من التمويل عبر الاقتراض من المصارف العامة وعدم المراوحة عند طرق التمويل التقليدية لدى هذه المؤسسات عبر الاعتماد على الموازنات والموارد المحلية؟.

مدير في وزارة الصناعة اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن التمويل يمثل حالياً نحو 30 بالمئة من المشكلات التي تعانيها معظم شركات الصناعة في القطاع العام خاصة بعد أن تعرضت الكثير من هذه الشركات لأعمال التدمير والتخريب خلال سنوات الحرب على سورية وباتت بحاجة للتمويل لتتمكن من إعادة تأهيل الشركات المدمرة واستعادة الأصول والمكنات وخطوط الإنتاج، إضافة لمشكلة ارتفاع معدلات التضخم التي حصلت خلال السنوات السابقة وبالتالي الحاجة لمبالغ أكبر لتنفيذ أعمال التأهيل والتشغيل، وهو ما لا توفره مصادر التمويل التقليدية لدى شركات القطاع العام التي عادة ما تتجه نحو صندوق الدين العام في وزارة المالية، والذي بات يعاني أيضاً من ضغوط شديدة خلال السنوات الأخيرة، بينما بالمقارنة مع سنوات قبل الحرب نجد أن معظم احتياجات التمويل في شركات الصناعة بالقطاع العام كانت تنحصر بأعمال الاستبدال والصيانة للآلات وخطوط الإنتاج.
وحول المبررات التي تعترض التوجه نحو المصارف العامة لتوفير التمويل لشركات القطاع العام بين المدير أنه في المقام الأول يمكن الحديث عن عدم وجود مثل هذه الثقافة متداولة بين إدارات شركات القطاع العام، رغم أن توجيهاً صدر عن رئاسة مجلس الوزراء قبل سنوات بضرورة دعم القطاع العام المصرفي للشركات الصناعية العاملة في وزارة الصناعة وغيرها من وزارات الدولة، لكن دون أن ينفذ.
كما بين أن الاقتراض من المصارف يقابله مسؤوليات والتزامات وبرامج زمنية واضحة للسداد وهو ما يعتبره مديرو المؤسسات عبئاً ويحملهم ربما مسؤوليات جزائية في حال أي تعثر أو عدم القدرة على التسديد لأي سبب وبالتالي لا يمتلك العديد من المديرين الرغبة في تحمل مثل هذه الإلتزامات، كما يتطلب الحصول على التمويل من القطاع المصرفي دراسات جدوى اقتصادية وتفصيلية حول المشروع التي ترغب الشركة العامة في تنفيذه.
وبين أن المصارف العامة لم تبادر في منح تسهيلات خاصة بالقطاع العام والتخفيف من بعض الإجراءات التي عادة ما يتطلبها الحصول على القرض من المصارف، بينما اعتادت الشركات الحصول على تمويلات بدون فوائد وعدم ترتب مسؤوليات عالية اتجاه التسديد خاصة أن الكثير من حالات الاستدانة الحاصلة بين مؤسسات القطاع العام يمكن حلها بين الحين والآخر عبر حل التشابكات المالية بينها كل فترة زمنية.

لا طلبات تمويل
وفي رأي مصرفي حول الموضوع بين مدير عام المصرف الصناعي قاسم زيتون لـ«الوطن» أن المصرف الصناعي جاهز لتمويل أي قرض تطلبه الجهات العامة وأن السيولة كافية، وأنه يمكن منح بعض التسهيلات لشركات القطاع العام، وحول الضمانات التي عادة ما تطلبها المصارف وتتشدد فيها بين المدير العام أنه يمكن الوصول لآلية خاصة مع وزارة المالية حول هذا الموضوع خاصة أن معظم الشركات في القطاع العام تمتلك أصول ضخمة ومساحات واسعة في أماكن حيوية ولها قيمة عالية، كما أن دراسات الجدوى الاقتصادية تمكن في التخفيف من حجم المخاطرة في منح القرض.
وحول وجود بعض الحالات منح فيها المصرف قروضاً لشركات عامة بين أنه لم تسجل أي حالة حول ذلك ولم تتقدم أي جهة عامة بطلب قرض من المصرف الصناعي، وأن معظم الجهات العامة مازالت تعتمد على الطرق التقليدية في تمويل مشروعاتها عبر الموازنات العامة وغيرها.

بضمانة المالية
من جانبه اعتبر الدكتور علي كنعان من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق (مدير سابق للمصرف الصناعي) أنه قبل الإجابة على توجه الشركات العامة للاقتراض من المصارف العامة لتأمين التمويل الذي تحتاجه لتنهض من جديد وتعود للعمل والإنتاج؛ يجب على الحكومة أن تحسم فلسفتها تجاه مؤسسات القطاع العام، فهل تتجه الحكومة للحفاظ على مؤسسات القطاع العام بتقليص حجم المؤسسات عبر التشاركية؟.
وفي حال كانت الحكومة راغبة في الحفاظ على مؤسسات القطاع العام الاقتصادية وخاصة الصناعية منها؛ بات من الضرورة التوجه للعمل بعقلية القطاع الخاص لتأمين السيولة والتمويل الكافي لهذه الشركات عبر الاقتراض من المصارف العامة، لكن عبر محددات واضحة تحول دون حالات الهدر والعشوائية في إدارة هذه التمويلات كما كان حاصلاً في الكثير من الحالات سابقاً، وهو ما يستدعي جلسات من البحث بين مجالس إدارة المؤسسة أو الشركة الراغبة في الحصول على قرض ومجلس إدارة المصرف، للبحث في تفاصيل المشروع المراد تمويله وتقديم دراسات جدوى اقتصادية دقيقة.
واعتبر أن مسألة الضمانات التي يطلبها المصرف يمكن حلها عبر تقديم هذه الضمانات من قبل الحكومة (وزارة المالية) كون هذه الشركات في المحصلة مملوكة للدولة، ولابد لإدارات القطاع العام الخروج من النمط التقليدي في الحصول على مصادر التمويل التي تحتاجها وألا تراوح عند حالة الاستسهال في طلب التمويل من وزارة المالية والاقتراض من المؤسسات والشركات العامة الأخرى.

عبد الهادي شباط

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock