“المركزي”: الحوالة خلال ساعات بدلاً من أيام
تراوحت أسعار صرف الدولار أمام الليرة السورية في السوق «السوداء» أمس بين 465 و470 ليرة سورية، مع انخفاض طفيف عن الأسبوع الماضي حيث لامس السعر 475 ليرة، وذلك كأرقام وسطية للأسعار، مع تباينات بين ليرة إلى ليرتين أعلى أو أدنى بين وقت وآخر خلال اليوم، وبين محافظة وأخرى.
مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» وصف ما يجري في سوق الصرف حالياً بحالة من التخبط وعدم الوضوح، وذلك بسبب التقلبات الحادة لليرة خلال الفترة الماضية إذ وصل سعر الصرف إلى 400 ليرة سورية ليعود وينخفض بشدة وخلال فترة قصيرة وليصل إلى حدود 475 ليرة للدولار الواحد، ذلك على الرغم من تسجيل الدولار الأميركي المزيد من التراجع مقابل العملات الرئيسية في الأسواق العالمية.
وأشار «مداد» في تقريره الاقتصادي الأسبوعي الصادر يوم أمس أن مصرف سورية المركزي ولمعالجة هذه الحالة قام بإصدار القرار رقم 7 تاريخ 3/1/2018 والذي ألغى كافة القيود الموضوعة على الحوالات بموجب القرار رقم 1602 والتي سبق وأن أشير إلى سلبيتها في تقارير سابقة. كما قام المركزي أيضاً بالتعهد بتمويل كافة مستوردات التجار والصناعيين بسعر 436 ل.س من المصارف العاملة في القطر المسموح لها التعامل بالقطع الأجنبي. على أن يكون المبلغ الممكن بيعه مرتبطاً بالمستندات المطلوب تمويلها وبالحدود التي يسمح بها مركز القطع التشغيلي للمصرف. وقد أدت هذه القرارات إلى تحسن بسيط في سعر صرف الليرة السورية.
أما عن أسباب التراجع فيعود بجزء كبير منه إلى ارتفاع الطلب على الدولار الأميركي بشدة وقلة المعروض منه وذلك نتيجة التوقعات السائدة بالسوق والتي تشير إلى عودة حتمية لسعر صرف الليرة السورية إلى مستوى 500 ليرة، الأمر الذي عزز أيضاً من عمليات المضاربة في السوق.
وعن أثر قرار تمويل المستوردات، بيّن أحد كبار تجار دمشق المعروفين في السوق التجاري «طلب عدم ذكر اسمه» أن القرار صدر من دون التشاور مع قطاع الأعمال أو مسؤولي القطاع الخاص عبر قنواته وهيئاته الرسمية. وتعليقاً على مسألة أنه يساهم في تخفيض الأسعار قال: «هذا الكلام غير واقعي ولا يرتبط الأمر بعامل أو عنصر وحيد لأن هناك عوامل كثيرة يجب أن تتضافر لتساهم في تخفيض الاسعار».
عرفان دركل نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق بيّن لـ»الوطن» أن وجود عبارة مفادها أن «التمويل يتم بحسب المتاح» في القرار يمكن أن تعطي صاحب القرار أو المنفذين المبررات والذرائع لتأجيل التمويل والمماطلة في تنفيذ طلبات التمويل واعتماد عبارات مطاطة على شاكلة راجعنا غدا أو بعد أسبوع أو بعد شهر وذلك بحسب المتاح.
محمد الحلاق خازن غرفة تجارة دمشق رأى أن فتح الاستيراد أفضل من تمويل المستوردات لأن فتحه يتيح المنافسة الحرة ويترك المجال مفتوحا لمبدأ العرض والطلب ويحد من عمليات التهريب للكثير من السلع والبضائع التي تملأ الأسواق المحلية حالياً ويساهم في تخفيض الأسعار.
وأجمع هؤلاء على أن ما جاء في مضمون القرار هو موجود على أرض الواقع ويطبق حالياً ولا جديد فيه. بل ذهب أحدهم مطالباً بإبعاد الاقتصاد عن مثل هذه القرارات قائلاً: «ليتركوا الاقتصاد يعمل وفق آلياته الحقيقية».
وفي سياق متصل بعمل المركزي، فقد أعلن عبر موقعه الالكتروني أمس عن بدء العمل اليوم بنظام التسويات الإجمالية والذي تمّت تسميته «نظام التسويات الإجمالية السوري (SyGS) بحيث أصبح بمقدور المتعاملين تنفيذ الحوالات في الزمن الحقيقي بين المصارف وسيكون زمن تنفيذ الحوالة لا يزيد عن ساعة واحدة بدلاً من عدة أيام.
وبذات السياق وحرصاً على مزيد من الأمان سيتم البدء بالحوالات التي لا تزيد قيمتها على خمسة ملايين ليرة سورية خلال المراحل المذكورة أعلاه والشهر الذي يليها، لتصبح لاحقاً دون سقوف، وأما ما يتعلق بالعمولات على تنفيذ الحوالات عبر النظام فستكون مجانية خلال هذه المراحل ورمزية لاحقاً.
والجدير بالذكر بأن البرنامج قد تمّ تطويره لدى مصرف سورية المركزي بخبرات وكفاءات محلية، مما حقق وفورات فاقت ملياري ليرة سورية بفضل تصميم وبرمجة وإدارة هذا النظام محلياً. علماً بأن المصارف التي أصبحت جاهزة للعمل على النظام هي بنك بيمو السعودي الفرنسي، وبنك الأردن.
وقد كتب حاكم المصرف المركزي دريد درغام عبر صفحته على «فيسبوك» مشيراً إلى أهمية القرار «من المعروف للسوريين أن أي مصرف مؤتمت تتم الحوالات وتحصيل الشيكات بين الحسابات المفتوحة فيه بشكل فوري بين فروع المصرف الواحد. ولكن كان السوريون يعانون من ضرورة انتظار 3 أيام تقريباً لتحصيل الشيكات أو إجراء الحوالات بين الحسابات بين المصارف المختلفة. وهذا ما كان يدفعهم إما لسحبها كاشاً نقداً وحملها للجهة المستفيدة أو اللجوء إلى شركات الحوالات بعمولات كبيرة جداً».