توقعات بالسماح بإدخال وإخراج القطع الأجنبي عبر الاكتتاب بشهادات الإيداع
يلاقى موضوع إصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي اهتماماً ملحوظاً في الشارع السوري هذه الأيام، إذ برزت الكثير من التساؤلات حول أهمية وجدوى نسب الفائدة وآليات الإيداع وأهمية مثل هذه الشهادات في الوقت الحالي وجدواها الفعلية في استقطاب القطع الأجنبي.
تعليقاً على الموضوع، أكد رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية عابد فضلية لـ«الوطن» أن ما يتم تداوله حول شهادات الإيداع بالقطع الأجنبي لا يتعدى مصادقة الحكومة (موافقتها) على إصدار مثل هذه الشهادات من قبل المركزي، وأنه لا يمكن الحديث عن صدور شهادات إيداع بالقطع الأجنبي ما لم يعمل المركزي على ذلك كونها من صلاحياته، رغم أنه من المتوقع أن يقوم البنك المركزي بإصدار هذه الشهادات خلال الفترة القريبة، حسب ما يتم تداوله.
وحول العديد من التفاصيل التي سألت «الوطن» عنها الدكتور فضلية فضّل تركها للتعليمات التنفيذية التي سترافق إصدار هذه الشهادات من قبل البنك المركزي، لكنه توقع بصفته مراقباً أنه في حال سمح للمغتربين السوريين في الخارج بالاكتتاب على هذه الشهادات عبر قنوات رسمية من خلال المركزي، يفترض أن يسمح لهم بحرية إدخال وإخراج إيداعاتهم بعد انتهاء آجالها بالطرق والقنوات الرسمية، مفيداً بأن التعليمات التنفيذية يجب أن تشتمل على إجابات واضحة حول كل ذلك خاصة من يحق له الاكتتاب على هذه الشهادات في الخارج هل هم المغتربون السوريون ممن تتوافر لديهم الثبوتيات من إقامات وغيرها، أم يحق لغير السوريين الاكتتاب على هذه الشهادات.
إلا أن مختصين يرون صعوبة في ذلك بسبب العقوبات الاقتصادية الجائرة على المصارف وحسابات الحوالات فيها، لتبقى قناة شركات الصرافة هي الفعالة في ذلك، ولكن ضمن حدود.
وحول أهمية إصدار هذه الشهادات بين فضلية أنه يتيح للأشخاص الحصول على فرصة لإيداع بالدولار الذي بحوزتهم ضمن قنوات موثوقة وبنسب فائدة جيدة، في حين لم تكن هذه الفرصة متاحة قبل ذلك حيث كانت معظم الإيداعات للقطع الأجنبي تتم من دون فائدة أو بفائدة منخفضة وبسيطة، ومنه يمكن اعتبار طرح شهادات إيداع بالقطع الأجنبي وبهذه النسبة من الفائدة يمثل فرصة استثمارية قيمة وموثوقة لكونها بضمانة المركزي ولا تشتمل على مخاطر، وبالمقابل تشكل هذه الشهادات فرصة إضافية للدولة لتعزيز توافر القطع الأجنبي لديها، دون أن يكون هناك بالضرورة نقص لدى المركزي في القطع الأجنبي، وإنما يشير ذلك لجدية المركزي والحكومة بالتوجه نحو تمويل المشروعات الحيوية والمهمة، وخاصة المشروعات التنموية، مبيناً أن معظم الدول تلجأ لإصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي وهو إجراء معمول به بالكثير من الدول العربية مثل مصر ولبنان والأردن وغيرها وعادة ما يكون هذا الإجراء ليس من باب العوز للقطع الأجنبي بقدر ما يكون من أجل تسريع مشاريع التنمية وتحريك النشاط الاقتصادي.
لتعزيز مراكز القطع
من جانبه بين المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية عبد الرزاق قاسم لـ«الوطن» أن شهادات الإيداع تمثل إحدى الوسائل الممكنة لجذب المدخرات للقنوات المصرفية وأن طرح هذه الشهادات حالياً بالقطع الأجنبي هو عامل مهم لتعزيز مراكز القطع الأجنبي لدى المصارف، وتوفير الاحتياجات منه لتمويل المستوردات وتنفيذ الأعمال والأنشطة الاقتصادية المطلوبة خاصة في المرحلة المقبلة من إعادة الأعمار.
وحول آجال هذه الشهادات بين قاسم أنها عادة ما تكون لآجال مختلفة لكنه توقع أن تكون لمدة عام خلال الإصدار الأول لها.
وفيما يخص نسب الفائدة المقررة على هذه الشهادات والذي بينته وزارة المالية في تصريح صحفي بأنه 4.25%، أوضح قاسم أنه تم خلال فترة بحث طرح هذه الودائع وضع هامش للفائدة حده الأعلى 4.25%، مبيناً أن طبيعة الظروف النقدية والمصرفية هي العامل الأساس في تحديد نسب الفوائد وقيمتها الفعلية.
وعن جدوى هذه النسبة في جذب ودائع القطع الأجنبي في الخارج خاصة وأن لبنان يمنح على مثل هذه الشهادات نسبة أعلى من الفائدة تقدر بنحو 4.7% بين أن الفارق بسيط وأن المودعين يراعون العديد من الأمور وليس فقط نسب الفائدة خاصة مسألة صعوبة وسهولة الإجراءات المرافقة لتسجيل الوديعة وحجم المخاطر وغيرها من القضايا التي تلعب دور التثقيل لدى المودع عند اختياره الجهة التي يرغب الإيداع لديها سواء كانت في الداخل أو الخارج، وفي هذا السياق يبين أن نسبة الفائدة في بعض الدول المجاورة غير لبنان مثل الأردن تتراوح بين 2-2.5% وهي فائدة منخفضة مقارنة مع النسب في لبنان أو التي يتم العمل عليها لدينا لكن هناك اعتبارات مرافقة غير نسب الفوائد.
وحول حجم التداول المتوقع لهذه الشهادات لدى سوق دمشق للأوراق المالية بين أنه من المبكر الذهاب إلى توقعات حول ذلك كون طرح هذه الشهادات يمثل تجربة جديدة، منوهاً بأن تداول هذه الشهادات سوف يكون بين المصارف، وان حجم التداول في البورصة مشروط ومرتبط بحجم الضغط على سيولة المصارف، ففي حال زيادة الطلب على القروض، والحاجة لتمويل الغايات المختلفة من قبل القطاع المصرفي، ستلجأ المصارف لتسييل هذه الشهادات عبر طرحها للاكتتاب في سوق دمشق للأوراق المالية.
وأكد أن مثل هذه الشهادات تسهم بجذب المدخرات من الناس وتوظيفها على شكل شهادات إيداع لدى المصارف وهو ما ينسجم مع توجهات البنك المركزي نحو جذب السيولة نحو القنوات المصرفية، مبيناً أن شراء تداول شهادات الإيداع سيكون محصوراً بين المصارف أما على مستوى الأفراد فيمكنهم فتح حسابات على شكل ودائع بفوائد جيدة.
عبر «فيسبوك»
توسعت صفحة رئاسة مجلس الوزراء عبر «فيسبوك» بالحديث عن هذه الشهادات بعد تصريح صحفي لوزارة المالية حول الموافقة على إصدار هذه الشهادات بفائدة 4.25% حيث نشرت نصاً جاء فيه: «رغم وجود سيولة كبيرة لدى المصارف المحلية بالعملة السورية والأجنبية، وإيمانا من المصرف المركزي بضرورة توفير الأرضية اللازمة لمن يرغب من كافة المتعاملين ضمن سورية ممن يكتنزون أوراقا نقدية معرضة للمخاطر المختلفة لتواجدها خارج النظام المصرفي أو المتعاملين المتواجدين في الخارج بإعادة الرساميل المتواجدة لديهم إلى سورية وذلك بعد أن استعادت سورية عافيتها، وتأكد للجميع أن القطاع المصرفي السوري قد اثبت قدرته على الصمود، وأنه رغم كل الحرب الظالمة على سورية لم يتعرض أي مودع لضياع أي من ودائعه بالعملة الأجنبية أو بالعملة السورية».
وبناء عليه «وجد مصرف سورية المركزي أن هناك ضرورة للتأكيد بأن النظام المصرفي السوري مستمر في متانته وملاءته المؤكدة، وأن الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري على كامل الجغرافيا السورية وتوفير الأمان، والجهود الحكومية الواضحة والتي حققت نموا في مختلف القطاعات وخاصة في الزراعة والصناعة والسياحة، ما يؤكد أن مستقبل الاقتصاد السوري سيكون باتجاه مزيد من النمو والاستقرار.
ونقل المنشور دعوة المصرف المركزي لجميع المتعاملين الراغبين بإيداع الأوراق النقدية من العملة الأجنبية التي بحوزتهم في سورية لحمايتها من أي مخاطر أو رغبة منهم باستثمارها في سورية، وذلك سواء لحمايتها من أي مخاطر أو توظيفها في ودائع لدى المصارف المحلية، ويؤكد المركزي أن العوائد التي سيتقاضاها المتعاملون على تلك الودائع سترتبط بسياسات تلك المصارف لتوظيف الودائع مباشرة أو توظيفها في المصرف المركزي كودائع أو شهادات إيداع مقابل فوائد تجاوز 4.5% وعلى الدولار مثلا، وهذا سيمكن المتعاملين والمصارف للتعامل ضمن أجواء مصرفية مختلفة تماماً عما كان في الماضي، خاصة وان المصرف المركزي والجهات المعنية تأخذ بالاعتبار أن الكثير من المتعاملين لديهم اكتناز كبير من العملة الأجنبية بسبب ظروف الحرب الظالمة على سورية مم يتطلب إجراءات مبسطة للعموم بأن فتح الحسابات والتعامل بالعملة الأجنبية يتم أسوة بباقي الدول. أما المواطنون فتعاملهم حصرياً سيكون مع المصارف السورية وحسب العرض والطلب، مع الإشارة إلى أن درجة الإقبال ستحدد تغييرات معدلات الفائدة بالنسبة للمودعين الذين سيتأخرون في جلب مبالغهم من الخارج إلى المصارف السورية.
وبحسب المنشور، ستخضع معدلات الفائدة التي ستعرضها المصارف السورية على المودعين لمبدأ العرض والطلب حسب درجة إقبالهم بحيث سيستفيد المودعون الأوائل من الفوائد الأعلى، وكلما تأخروا في إيداع مبالغهم وجلبها من الخارج أو إخراجها من خزائنهم الحديدية ووضعها في النظام المصرفي السوري ستكون الفوائد عليها أقل حسب ما تراه المصارف السورية مناسباً.
عبد الهادي شباط