أجواء تشاؤمية حتى ليل أمس، خيمت على مدينة جنيف التي تستقبل ما يجب أن يكون مفاوضات سورية سورية في جولة خامسة، لا تبدو أنها قابلة لتحقيق أي خرق كما سابقاتها، مع إشارات جديدة برزت في هذه الجولة أهمها غياب المنسق الأميركي الذي لن يصل قبل يوم الأربعاء القادم، إضافة إلى مساعي وجهود وفد منصة الرياض لنسف المفاوضات من خلال تصميمه على «استلام السلطة» في جنيف، وعدم رغبته الدخول في أي تفاوض جدي، لا بل تبنيه الهجمات الإرهابية الأخيرة على دمشق وريف حماة من خلال الإعلان أن ما قامت فيه المجموعات الإرهابية لم يكن هجوماً بل «دفاع عن النفس» نافياً أن تكون جبهة النصرة هي من تقود تلك الهجمات ومتناسياً ظهور زعيم التنظيم الجولاني في ريف حماة وهو يقود العمليات!
وأمس، عقد وفد الجمهورية العربية السورية جلسة ثانية مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا قدم خلالها «ورقة» حول مكافحة الإرهاب في حين شهد اجتماع وفد الرياض بحث ما سمي «بالانتقال السياسي» دون سواه، وقال رئيس الوفد نصر الحريري إنه قدم أيضاً لدي ميستورا «ورقة» مفصلة حول رؤيته للانتقال السياسي فقط.
ويعمل دي ميستورا على فسح المجال أمام كل وفد ليتحدث في «السلة» التي يريدها في «إستراتيجية» تقضي بالحصول على أكبر حجم ممكن من الأفكار والمعلومات تمهيداً لطرحها مع باقي الوفود في الوقت المناسب، إلا أن وفد منصة موسكو استبق لقاءه المبعوث الأممي بمؤتمر صحفي، على عكس ما جرت العادة في جنيف، ليكشف المتحدث باسمه مهند دليقان أن الوفد سيقدم مجموعة أوراق بعنوان «عناوين مفتاحية» مشدداً على أن «من يمتلك الإرادة السياسية الصادقة والحقيقية والمخلصة للوصول إلى حل سياسي وإنهاء كارثة الشعب السوري قادر على نقاش السلال الأربع لا في جولة واحدة فحسب وإنما في جلسة واحدة».
ويبدو أن الوقت بات يضيق على دي ميستورا الذي بات يشكك في التمديد لمهمته بعد أداء كان في مجمله منحازاً للسعودية وقطر، بدلاً من أن يكون حيادياً، وكان اللافت أمس تعرض وسائل الإعلام الداعمة لوفد الرياض لمنصب دي ميستورا والحديث بكثافة عن إقالته، في محاولة لممارسة ضغوط إعلامية عليه بعد الضغوط السياسية التي تمارسها الدول المالكة لوسائل الإعلام تلك.
ودأب أمس وفد منصة الرياض على محاولة نسف المفاوضات من خلال بث جملة من الأكاذيب على وسائل الإعلام، في مؤتمره الصحفي، قالباً الحقائق رأساً على عقب ومتحدثاً عن هجمات يشنها الجيش السوري بدل الحديث عن إرهاب تعرضت له دمشق وسحقه الجيش وهجمات مكررة تشن من جبهة النصرة وأخواتها على قرى ريف حماة!
وبدا لافتاً أن دي ميستورا استنجد أمس بالدول الثلاث الراعية لمحادثات أستانا، روسيا وإيران وتركيا، معتبراً في بيان نقلته «رويتز» أنه «لا غنى عن الجهود المشتركة» للدول الثلاث «لتحسين الأوضاع على الأرض والمساهمة في توفير بيئة تؤدي إلى تقدم سياسي بناء».
واليوم الأحد هو يوم عطلة في سويسرا ولن يشهد أي جلسات تفاوض وسيغادر دي ميستورا إلى الأردن لحضور جلسة وزراء الخارجية العرب تمهيداً للقمة العربية.
وغداً الإثنين يستقبل نائب دي ميستورا، رمزي عز الدين رمزي، وفد الجمهورية العربية السورية للبحث في سلة «الدستور» كما هو متوقع، ليعود المبعوث الأممي من عمان ويلتقي الوفود يوم الثلاثاء القادم، على أن تستمر هذه الجولة حتى يوم الجمعة في 31 من هذا الشهر.
الوطن – جنيف