خميس: الكثير من المناصب شغلها غير الكفوئين بسبب الحرب
بدا اليوم الثاني من الدورة الثالثة عشرة للمجلس العام لاتحاد نقابات العمال ساخناً بحضور الحكومة كما كان متوقعاً، وزاد من سخونتها الاختلاف بين رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري ورئيس مجلس الوزراء عماد خميس لعدم الاستجابة للمطالب العمالية المتكررة.
بدأ خميس حديثه إلى ممثلي نقابات العمال بالتهنئة بمناسبة الأول من أيار التي اعتبرها القادري غير مقبولة، مؤكداً أهمية مثل هذه اللقاءات مع ممثلي الطبقة العاملة، متمنياً الخروج منها بطروحات مهمة على الصعيد الوطني، لدعم عمل الحكومة في إطار رؤية الطبقة العاملة، واصفاً أغلب الطروحات بأنها لم تتطرق للحرب التي تمر بها البلاد، والتي تعاطت مع الواقع وكأن الحرب انتهت، مبيناً أنه طالما لم تنته هذه الحرب فلا توجد خطة واضحة، مؤكداً فشل قوى العدوان في إسقاط الدولة السورية والتي تحولت إلى أذرع وأفرع أخرى ظهرت على شكل حرب إعلامية عبر وسائل إعلام خارجية، والبعض منها داخلية، تطالب بإعادة بناء ما خربته الحرب خلال ثماني سنوات في لمح البصر، مشيراً إلى تدمير 134 ألف منشأة من قبل المجموعات الإرهابية.
وأضاف خميس: من يعتقد بوجود حكومة مثالية وشفافة بشكل مطلق فهو واهم.. طبعاً، إذا تمت المقارنة مع سويسرا فسوف يكون واقعنا صعباً، أما إذا تمت المقارنة من خلال حالة الحرب في بلادنا مع دول الجوار التي لم تعان أي حرب، فسوف نرى أن الوضع مقبول جداً.
وتابع: نريد تحسين المعيشة، وهذا الأمر هاجس الحكومة الدائم، لكن من يعتقد أن لا تحسين إلا بزيادة الرواتب فهذا مجافٍ للحقيقة، لأنه عندما يكون الواقع الاقتصادي في البلاد جيد بمجمله فسوف ينعكس ذلك بالتأكيد على معيشة المواطن.
وأشار خميس إلى حاجة البلاد لنحو 200 مليون دولار أميركي شهرياً للنفط، و400 مليون دولار سنوياً للحبوب، في وقت كانت الموارد أقرب إلى الصفر، مذكراً بسحب الحكومة السابقة 17 مليار دولار من الخزينة لتأمين متطلبات البلاد بين العامين 2012 و2013، بينما لم تسحب الحكومة الحالية دولاراً واحداً من الاحتياطي، ومع ذلك تم تأمين استقرار النفط لعامين، معتبراً أن ما أنجز خلال الفترة الماضية ليس بجهود ثلاثين وزير، وإنما بفضل أبناء الشعب والجيش وكوادر الدولة، وذلك من خلال تحريك دورة رأس المال المحلي، والتركيز على الإنفاق التنموي والخدمي لنحو 10 آلاف مشروع قيمتها 800 مليار ليرة سورية، وكذلك لدعم الصناعة والتصدير والزراعة، وقد تم إعادة تشغيل 75 ألف منشأة للقطاع الخاص، وترميم 5400 مدرسة و180 مركز صحي و30 مشفى، ويبقى قطاع النفط خارج كل هذه المبالغ، حيث تم تأمين صيانة لآبار الغاز بنحو 290 مليون دولار، وصرفت وزارة الكهرباء 140 مليار ليرة، ووزارة التربية 120 مليار ليرة و3300 مليار ليرة للرواتب والأجور إضافة للمنجزات الأخرى خلال ثلاث سنوات ماضية.
وبيّن أن المناطق التي عاد إليها الأمن والأمان كبيرة، وقد التزمت الحكومة بتوفير الخدمات لها خلال أشهر، وبشكل نسبي، ومنها صرف مبلغ 50 مليار في دير الزور لإعادة نصف مليون مواطن، وكذلك الحال في الغوطة، حيث بدأت عمليات إعادة التأهيل من اليوم التالي لتحريرها، كما تم إدخال 540 ألف هكتار إلى الاستثمار الزراعي بعد تحريرها وعودتها للإنتاج.
وأكد أنه كرئيس وزراء لا يعنيه معيار سعر الصرف كدليل على عملية التنمية، فطالما هناك طلب على القطع الأجنبي وهو غير متوافر فسوف يرتفع، وقد زاد من ارتفاعه العقوبات على رجال الأعمال السوريين الذين حرموا من إدخال القطع الأجنبي إلى البلاد، وما تمت به من معالجات سابقة بالتخفيض القسري لسعر الصرف كان عملاً غير صحيح وقد أضر بالاقتصاد، كما أثّر في سعر الصرف التدخل بنحو 5.4 مليار دولار عامي 2013-2014 عبر ضخّها في السوق للمحافظة على سعر الصرف آنذاك.
وعن مطالبة الحكومة بمزيد من الشفافية قال خميس: «لو كنا شفافين في إظهار طريقة توفير مستلزمات البلاد فسوف ينعكس ذلك ضرراً كبيراً على وطننا».
أما على صعيد الأموال المجمدة في المصارف فقد قال: «عملت الحكومة على استخدام الأموال عبر المصرف المركزي لتحريك عملية التنمية في رؤية شاملة، والآن يستطيع أي مواطن أو مستثمر أو صناعي الحصول على قرض بسقف 5 مليار ليرة سورية في حال توافر الشروط اللازمة».
واستجاب رئيس الوزراء لمطلب أعضاء مجلس اتحاد العمال بتخصيص برنامج تلفزيوني على الفضائية السورية يهتم بالقضايا العمالية.
وعما طرح حول عقد الإسمنت مع شركة فرعون أكد خميس أنه تم تشكيل لجنة لهذا الموضوع وهو في عهدة وزير الصناعة مع المختصين في الوزارة.
وحول اختيار المسؤولين في الدولة ووجود معايير محددة لذلك أكد خميس أن الحرب أدت إلى إشغال كثير من المناصب من أشخاص غير كفوئين لذلك.
القادري عندما ينتقد
استهل رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري مداخلته بالقول: «لم تكن الحكومة بعيدة عن العمال كما هي الآن».
وأضاف: «هذه النبرة التي نتكلم بها اعتدنا عليها، ولا نهدف من ورائها إلا تحقيق التطوير ومصلحة الوطن»، متمنياً على الحكومة أن تتعامل بشفافية مع المواطن، متشهداً بمثال خروج وزير النفط متحدثاً بعدم وجود أزمة بنزين، في وقت كانت الطوابير غير متناهية أمام محطات الوقود.
وتابع: «للأسف لدينا غصة كبيرة لأن كل القضايا العمالية يتم تسويفها، بدءاً من قانون العاملين وحتى متممات الرواتب وتثبيت العمال، مقارنة باستنفار الحكومة لتحقيق أي مطلب لغرف الصناعة والتجارة».
ولفت إلى وجود أولويات، حيث يوجد 13 ألف عامل، الراتب الشهري لكل منهم 16 ألف ليرة، لذا نريد مساواة العمال مع بقية شرائح المجتمع، متسائلاً «من الأولى بتحسين الوضع المعيشي عمال المخابز الذين يتقاضون 16 ألف ل.س شهرياً أم أساتذة الجامعات في ضوء الفساد اللا محدود الذي يعاني منه جزء من قطاع التعليم العالي؟».
أحاديث الوزراء
بين وزير الصناعة محمد معن جذبا أن الوزارة أقلعت بـ23 خطاً إنتاجياً، وسوّقت 16 مليار ليرة من مخزونها، وأبرمت عقوداً بثلاثين مليار ليرة، واستطاعت الوصول بنوعية الإنتاج إلى منافسة القطاع الخاص في إنتاج الخيط، منوهاً بأنه يجري العمل على تركيب خط إنتاج كابلات التوتر العالي في معمل حلب بعد تصديق العقد، موضحاً أن إعفاء مدير معمل إسمنت حماة سببه إيقاف تشغيل أحد الأفران لثلاثة أشهر من دون علم الوزارة، إضافة إلى وجود مخزون بقيمة مليار ونصف المليار ليرة سورية.
بدوره أكد وزير المالية مأمون حمدان التعاقد لشراء 150 صرافاً بقيمة 1.5 مليار ليرة، وعن التهرب الضريبي بيّن بأن معالجته تحتاج إلى جيش من المراقبين، موضحاً إمكانية حصول عمال القطاع الخاص على قروض شخصية وفق الشروط المطلوبة.
ولفت حمدان إلى عدم وجود مشكلة بالنسبة لرواتب عمال إدلب وبأنه على وزارة الزراعة متابعة الموضوع لكون أغلب عمال المحافظة من القطاع الزراعي، وكشف عن تجهيز نظام إلكتروني لحل مشكلة تشابه الأسماء في موضوع الحجز الاحتياطي.
من جانبه بين وزير النفط علي غانم أن خسائر قطاع النفط بلغت 74.2 مليار دولار بسبب الأعمال الإرهابية، كما كان القطاع مستهدفاً في الحصار الجائر.
ولفت إلى أنه على مدار ثلاثة أشهر لم تكن لدينا كميات المحروقات الكافية، وقد تمت معالجة الأمر من خلال زيادة الإنتاج رغم المخاطر الفنية، وأضاف: «لم نقل يوماً بأنه لا توجد أزمة بنزين»، وأضاف: «في عقود النفط لا توجد أي ميزات وهي كأي عقود دولية».
وكشف غانم عن اتخاذ قرار يوم أمس بالعودة إلى نسبة 25% بدلاً من 50% بالنسبة لمخصصات القطاع العام من المحروقات.
ونوه بأن الدعم السابق كانت تستفيد منه السيارات الكبيرة بنحو 100 ألف ليرة سورية شهرياً والصغيرة 10 آلاف ليرة سورية شهرياً، والآن أصبح المستفيد الأساسي من الدعم هي السيارات الصغيرة، وبعد تطبيق نظام الشرائح تم استهلاك 3.28 ملايين لتر بالسعر المدعوم مقابل 382 ألف لتر بالسعر غير المدعوم من البنزين، وهناك 45 ألف سيارة حكومية تستخدم البطاقة الذكية وقد وفرت 13 مليار ل.س.
بدورها، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريما القادري وجود دراسة بخصوص اللباس العمالي تتضمن منح تعويض مالي بدلاً من الهندام، إضافة إلى رفع قيمة الوجبة الغذائية من 30 ل.س للشخص إلى 300 ل.س، وهذا يحتاج إلى 5 مليارات ليرة.
أما وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف فقد أكد اتخاذ جميع الاستعدادات اللازمة لاستلام محصول القمح، والوزارة جاهزة لدفع تكاليف نقل القمح للفلاحين، وكشف أن الحسكة كانت حتى وقت قريب تستهلك كمية دمشق نفسها من الدقيق نتيجة الفساد المستشري في هذا الاتجاه، والآن تم توفير ما قيمته 10 مليارات ليرة.
وزير الكهرباء زهير خربوطلي، بين أنه خلال ساعات قليلة سيتم تشغيل خط الثورة-مسكنة- حلب بطول 205 كم وبطاقة 200 ميغا واط، كما سيتم البدء بتوريد المحولات لأحياء حلب الشرقية تباعاً.
في حين بين وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف استمرار إنجاز البناء السكني طيلة فترة الأزمة، وفي حلب لدينا 6000 شقة سكنية كانت جاهزة للتسليم ولكنها تعرضت للأضرار بقيمة 6 مليارات ليرة.
مداخلات ساخنة
وخلال المداخلات، قال رئيس اتحاد عمال طرطوس عامر جداري: «طالعتنا صحيفة «الوطن» بأن هناك 51 دكتوراً في جامعة حمص منحوا شهادات مزورة، ومع ذلك الحكومة اليوم تدرس زيادة الرواتب لأساتذة الجامعات، فماذا تقول الحكومة اليوم لعمال المخابز الذين يداومون ليلاً نهاراً من دون أجر إضافي؟ وماذا تقول لعمال العتالة والحمل الذين حرموا من مصادر عملهم وأعطيت لمتعهدين فاسدين يستهدفون سرقة المال العام؟ حيث تم توقيع عقد مع القطاع الخاص الذي يسرق من كل سيارة شحن طن من القمح في حين عمالنا كانوا يكنسون كل حبة قمح في العراءات».
أيده في ذلك رئيس اتحاد العمال في الحسكة، مشيراً إلى أن من تقدم لعقد العتالة باسم النقابة لا يمثل التنظيم النقابي، وهو مفصول من التنظيم النقابي، مضيفاً: «لولا تدخلنا لسرقت المليارات، والآن تمت المباشرة بالعقد وأعطي أمر المباشرة».
ذلك الحديث دفع رئيس مجلس الوزراء للتأكيد على الغاية من موضوع منع التعاقد بالتراضي، وهو وضع حدّ لحالات الفساد، منوهاً بأنه لا يعلم بوجود مثل هذه الحالات، موجهاً سؤاله لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل رئيسة اللجنة المشكلة لهذه الغاية عن أسباب تأخير إنجاز الشروط المطلوبة لموضوع التعاقد بالتراضي لعمال الحمل والعتالة.
بدوره بين عضو المكتب التنفيذي للاتحاد برهان عبد الوهاب أن عملية توزيع 1200 شقة من السكن العمالي ما زالت بحاجة لإعادة تأهيل المتضررة، وهذا منوط بالمؤسسة العامة للإسكان التي باشرت فعلاً بعمليات الصيانة، فيما تأخرت محافظة ريف دمشق عن إجراء أعمال الصيانة للشقق التي تخصها، مذكراً بتوجيه رئيس مجلس الوزراء بتحويل 200 مليون ليرة لإجراء عمليات التأهيل، ولم يتم تنفيذ هذه الحوالة حتى الآن، وفي رأس البسيط هناك 637 شقة كانت مخصصة للإيواء وهي بحاجة الآن إلى إعادة تأهيل، مطالباً الحكومة بالمساعدة بإعادة تأهيلها، وإلزام المحافظين بقرار الحكومة بمنح استثمار مراكز الانطلاق لنقابات العمال.
وتساءل رئيس الاتحاد المهني للكهرباء رفيق علوني، عن مصير وعد الحكومة بإشراك التنظيم النقابي في لجان تعيين العاملين في الدولة، فلا تزال النقابات ممنوعة من المشاركة فيها.
وطلب استثناء سيارات نقل العاملين من تقنين المحروقات والإسراع في تصديق عقد شركة كابلات حلب مع الشركة الهندية لتنفيذ خط جديد.
وطالبت عضو مجلس الاتحاد بلسم ناصر، بالسماح للمهندسين الزراعيين العاملين في الدولة بفتح مراكز زراعية وبيطرية خاصة أسوة بالصيادلة والأطباء البشريين العاملين في الدولة.
من جانبه، طالب عضو المجلس نبيل العاقل بضرورة إزالة الفرق بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء، لأن في ذلك تأثير واضح على الأسعار، حيث يتم منح المستوردين القطع الأجنبي بالسعر الرسمي ويسعرون بضائعهم في السوق بناء على سعر السوق السوداء، مشدداً ضرورة منع التلاعب بالأسعار وضبط الأسواق وتوفير الدواء وإصلاح تجهيزات المشافي ووضع حد لجشع أصحاب المشافي الخاصة.
رئيس اتحاد عمال حلب زكريا بابي استغرب قرار وزارة الصناعة إلغاء مؤسسة معامل التبغ في حلب والتي يزيد عمرها عن 60 عاماً، وقد كلفت الدولة 260 مليون ليرة لإعادة تأهيلها، وهي تضم 1085 عامل يتم الآن الإعداد لتوزيعهم على مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن 60 بالمئة من أحياء حلب المحررة حتى الآن لا يوجد فيها كهرباء، ورغم قرار تأمين 500 مركز تحويل بتكلفة 46 مليار ل.س إلا أنه حتى الآن لم يصل أي منها، ومازال أبناؤها يشترون الأمبيرات بتكلفة 28 ألف ل.س شهرياً للعائلة الواحدة.
ولفت بابي إلى وجود 260 شقة للسكن العمالي لم تسلم حتى الآن، تكلفة الواحدة منها 6.5 ملايين ل.س وهي بحاجة إلى صيانة، وطالب المؤسسة العامة للإسكان بإجراء الصيانة وفق الشروط العقدية.
هذا وطالب رئيس اتحاد حمص نزار العلي باستثمار الأموال المجمدة في المصارف في عملية التنمية، منوهاً بأن قيمة التهرب الضريبي تقدر بنحو 500 مليار ليرة.
محمود الصالح