سفير روسيا في دمشق ألكسندر يفيموف في مقابلة مع “الوطن”: علاقاتنا الاستراتيجية أقوى مما كانت في أي وقت .. لن نترك أصدقاءنا السوريين و لاتسامح مع الإرهابيين أبداً
أكد سفير روسيا في دمشق ألكسندر يفيموف في مقابلة مع صحيفة “الوطن” أن كل الإشاعات والتلميحات المتداولة حالياً حول الخلافات في العلاقات الروسية السورية ليس لها أي أساس، وهؤلاء الذين يصرون على قراءة التعاون بين موسكو ودمشق بطريقة الكذب وتزوير الحقائق يقومون بعملية تخريب إعلامي فقط لا غير، مشيراً إلى أن الأخبار المزيفة والكاذبة حول روسيا وسورية لا يستفيد منها إلا خصوم البلدين، الذين يحتاجون إلى فرصة للإساءة وإلى تشويه جميع الإنجازات والأمور الإيجابية التي أحرزتها واستكملتها روسيا وسورية خلال السنوات الأخيرة.
وشدد يفيموف على أن اللاعبين المعادين لسورية وروسيا، وبعدما فشلوا في تحقيق أهدافهم المدمرة بطريقة عسكرية، يحاولون ممارسة الضغط السياسي على دمشق وخنقها بالعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، وهم ما زالوا فارغي الأيدي حتى الآن، ويستخدمون جميع الوسائل الممكنة ومن بينها محاولاتهم المثيرة للشفقة لإيجاد “عيوب” غير موجودة في العلاقات بين روسيا وسورية، لكي يفرّقوا بين بلدينا.
سفير روسيا في سورية أكد أن تلك المحاولات ستفشل إن لم نقل إنها فشلت، وقال : ” لن يسمح حتى بالاقتراب من النتائج المقصودة، وبعبارة أخرى يمكن القول إن “الكلاب تنبح والقافلة تسير”، والعلاقات الروسية السورية هي أقوى اليوم مما كانت في أي وقت في الماضي، وتتميز بالطابع الصديق والإستراتيجي، وتهدف الى تحقيق الأهداف المشتركة لمصلحة الشعبين الروسي والسوري”.
وبخصوص الخروقات المستمرة والمتواصلة لاتفاق موسكو في إدلب، بيّن يفيموف أن المسلحين الموجودين هناك لا يعترفون باتفاقات وقف إطلاق النار القائمة، ويقومون بكل ما في وسعهم لتعطيلها، ويواصلون القصف والهجمات على مواقع الجيش العربي السوري ويحاولون توجيه الضربات على المنشآت العسكرية الروسية في “حميميم” وكذلك يعرقلون الدوريات الروسية التركية المشتركة، وهذه الحقائق تؤكد أن إدلب ليست ما يسمونها “الملجأ الاخير للمعارضة المعتدلة”، فهي معقل الإرهابيين والمجرمين الذين لا يجوز التسامح بوجودهم إلى الأبد، مضيفاً في هذا الإطار :” ننطلق من أن اتفاقات وقف إطلاق النار في إدلب أيّاً كانت، لا تلغي ضرورة الاستمرار في محاربة الإرهاب بلا هوادة، وإعادة الأراضي لسيادة السلطات السورية الشرعية في أسرع وقت.
ولفت السفير الروسي في دمشق إلى أن روسيا الاتحادية وبعض الدول الأخرى دعت إلى الرفع الفوري والكامل للعقوبات الأحادية الجانب التي تعيق جهود الدول بما فيها سورية في المواجهة الفعالة لوباء “كورونا “، لكن للأسف لا تجد هذه الدعوات أي استجابة، والمدافعون المعروفون عن سياسة فرض العقوبات العدوانية لا يعتزمون التخلي عن نهجهم بل على العكس، هم مستعدون لتكثيف الضغط على الدول التي لا يرضون عنها.
يفيموف شدد في مقابلته مع صحيفة “الوطن” على أن بلاده لا تترك أصدقاءها السوريين، وتواصل دعمها للسلطات السورية الشرعية ومساعدتها في الدفاع عن حقوق الشعب السوري، وذلك في إطار القانون الإنساني الدولي.
نص المقابلة كاملاً تجدونه على الرابط التالي :
وفيما يلي نص المقابلة:
= تنتشر الكثير من الإشاعات والمقالات الإعلامية حول طبيعة العلاقات الروسية السورية.. يبدو أن البعض بحاجة للتذكير بطبيعة هذه العلاقات مرة أخرى. سعادة السفير ألكسندر يفيموف.. كيف نوصف هذه العلاقات اليوم.. ؟
يمكنني التحدث عن العلاقات الروسية السورية طويلاً وذلك بطريقة إيجابية بحتة، وتاريخياً كانت الجمهورية العربية السورية أحد أهم الشركاء والحلفاء لبلادنا في الشرق الأوسط، ووقفت موسكو إلى جانب دمشق دائماً في أصعب الأوقات التي مرت على سورية، وفي حينه لعب الاتحاد السوفييتي دوراً مهماً جداً في تعزيز القدرات الدفاعية لسورية، وتطوير قدراتها الاقتصادية والعلمية والتعليمية.
في أيامنا الحاضرة تتكرر القصة إلى حد كبير، ويمكن الإشارة إلى القول المعروف إن “الصديق في وقت الضيق”، وفي اللحظة الأكثر خطراً بالنسبة للدولة السورية، فإن الدعم الروسي القوي هو الذي سمح للسوريين بإحراز التحول الجذري في الحرب ضد الإرهاب الدولي، وإعادة أغلب الأراضي السورية لتكون تحت سيطرة سلطاتها الشرعية.
كما ستكمل روسيا جهودها العسكرية الداعمة لسورية بخطوات نشطة على الصعيد السياسي الدولي، حيث تعارض روسيا دائماً محاولات بعض اللاعبين لاستغلال محافل الأمم المتحدة، أو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والهيئات المتعددة الأطراف الأخرى بطريقة قذرة وفاسدة، وذلك لأجل حرمان الشعب السوري من حقه المشروع في الدفاع عن سيادة دولته ووحدة أراضيه، إضافة إلى مكافحة الإرهاب حتى يتم القضاء عليه.
تجدر الإشارة بشكل خاص إلى التعاون الاقتصادي بين موسكو ودمشق، الذي يتطور بصورة ناجحة رغم الضغط الشديد والمتزايد على كل من روسيا وسورية من خلال العقوبات الأجنبية، ومن المهم الإشارة إلى أن علاقاتنا الثنائية لا تقتصر على الأنشطة التجارية البحتة فقط، بل إن هناك مساهمة ملموسة في التصدي للتحديات الإنسانية الملحة في سورية، وإعادة تأهيل اقتصادها الوطني في مرحلة ما بعد الحرب.
وتشمل المشاريع التي تنفذ حالياً من الشركات الروسية في سورية، تطوير الجزء المدني لمرفأ طرطوس وتحديث المصنع للأسمدة المعدنية في حمص، وإعادة تأهيل عدد من حقول النفط والغاز والمعامل الخاصة بها، وهذه المشاريع وغيرها ستشكل دافعاً قوياً لتنمية ونمو الاقتصاد السوري بشكل عام، وكذلك سيساعد تنفيذ هذه المشاريع في ضمان صمود سورية في وجه العقوبات الأجنبية، وتعزيز ثقة السوريين بالغد والعودة القريبة للحياة السلمية المنشودة.
كما نساعد الشعب السوري الصديق في معالجة القضايا الإنسانية اليومية، فتقوم القوات العسكرية الروسية في سورية بإزالة الألغام وبإعادة الإعمار في المناطق المعينة، إضافة إلى تقديم المساعدة الطبية وإيصال المواد الغذائية والأساسية إلى سكان الأحياء السورية وخاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وعلى سبيل المثال وصلت آخر شحنة مساعدات إنسانية روسية والتي بلغت ١٧٠ طناً إلى مدينة القامشلي في ١٦ من أيار الجاري،
كما منحت حكومة روسيا الاتحادية ١٠٠ ألف طن من القمح إلى سورية، ورد منها حتى الآن ٧٥ ألف طن.
وأيضاً في إطار إجراءات التصدي لوباء فيروس “كورونا” المستجد، تسلمت وزارة الصحة السورية من روسيا في نيسان الفائت 200 جهاز تنفس اصطناعي و10 آلاف أداة اختبار فيروس كوفيد-19، وألف لباس واق متكرر الاستخدام، وألف لباس واق للاستعمال مرة واحدة.
إضافة إلى ذلك لا ننسى التمويل الروسي بقيمة أكثر من 20 مليون دولار لعدد من المشاريع للأمم المتحدة في سورية، والتي تنفذها منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ودائرة الإجراءات المتعلقة بالألغام، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، علاوة على ذلك خصصت روسيا 20 مليون دولار لتقديم المساعدة للسوريين من خلال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بداية هذا العام.
ومجرد هذه الأمثلة تكفي للتأكيد بشكل واضح على أن الإشاعات والتلميحات المتداولة حالياً حول الخلافات في العلاقات الروسية السورية ليس لها أي أساس، وهؤلاء الذين يصرون على قراءة التعاون بين موسكو ودمشق، بطريقة كذب وتزوير الحقائق يقومون بعملية تخريب إعلامي فقط لاغير.
وإن الأخبار المزيفة والكاذبة حول روسيا وسورية، لا يستفيد منها إلا خصومنا الذين يحتاجون إلى فرصة للإساءة وتشويه جميع الإنجازات والأمور الإيجابية الأخرى، التي أحرزتها واستكملتها روسيا وسورية خلال السنوات الأخيرة، أما اللاعبون “الاجانب” المعادون لنا فقد فشلوا في تحقيق أهدافهم المدمرة بطريقة عسكرية، ثم حاولوا ممارسة الضغط السياسي على دمشق وخنقها بالعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، ولكن حتى الآن لا يزالون فارغي اليدين. فاليوم يستخدمون ضدنا جميع الوسائل الممكنة ومن بينها محاولاتهم المثيرة للشفقة لإيجاد معايب غير موجودة في العلاقات بين روسيا وسورية لكي يفرّقوا بين بلدينا.
ولكنني على يقين من أن تلك المحاولات ستفشل إن لم أقل إنها قد فشلت، ولن تسمح حتى بالاقتراب من النتائج المقصودة. وبعبارة أخرى إن “الكلاب تنبح والقافلة تسير”. وعن العلاقات الروسية السورية فهي اليوم أقوى مما كانت عليه في أي وقت في الماضي وتتميز بالطابع الصديق والإستراتيجي حيث تهدف إلى تحقيق الأهداف المشتركة لمصلحة الشعبين الروسي والسوري.
** هناك الكثير من الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، من التنظيمات الإرهابية. ويبدو أن اتفاق موسكو لم ينفذ بشكل كامل، وهناك تعثر في تسيير الدوريات المشتركة، إضافة إلى معلومات عن تحركات وحشود تركية في شمال البلاد، كيف تنظرون لسير وقف إطلاق النار في منطقة إدلب؟
= الاتفاقات حول إدلب التي توصل إليها فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان في آذار 2020 في موسكو هي إنجاز مهم، حيث لم تسمح فقط بتجاوز تصعيد التوتر الخطر في شمال غرب سورية، بل ثبتت تحرير أراض سورية واسعة، وتحرير سكانها من سيطرة الإرهابيين في منطقة خفض التوتر في إدلب.
ولكن يصرّح المسلحون الموجودون هناك أنهم لا يعترفون باتفاقات وقف إطلاق النار القائمة ويقومون بكل ما في وسعهم لتعطيلها، حيث يواصلون القصف والهجمات على مواقع الجيش العربي السوري، ويحاولون توجيه الضربات على المنشآت العسكرية الروسية في “حميميم” وكذلك يعرقلون الدوريات الروسية التركية المشتركة.
ولدينا انطباع بأن الإرهابيين المسيطرين على إدلب، مثل “هيئة تحرير الشام” والتجمعات المشابهة ليسوا راضين بأن موسكو ودمشق تنفذان التزاماتهما بدقة ولا تسمحان باستئناف العنف في “إدلب الكبرى”، وهذا الأمر تحديداً يدفع الإرهابيين لمواصلة محاولاتهم في زعزعة الوضع، واستفزاز الجيش العربي السوري ودفعه لرد فعل عنيف في إدلب، حيث سيشكل ذلك ذريعة لهم لشن الحملة “التشويهية” الجديدة ضد الجيش العربي السوري، على أمل تدخل رعاتهم الأجانب بشكل أو بآخر.
ومن ناحية أخرى فإن الأراضي التي تحت سيطرة “المتطرفين” في إدلب لا تزال تتقلص مساحتها، على حين تحشد هناك العصابات المسلحة المختلفة الانتماءات بما فيها الأجنبية، بما بات يشبه “مأرضة عناكب”، بمعنى أنه وعندما لا ينجحون في المعارك ضد الجيش العربي السوري، ينزلقون إلى الخلافات والاقتتالات الداخلية، ويرهّبون السكان المحليين، كما يتلاعبون مع المساعدات الإنسانية، وفي الوقت نفسه يطردون المنظمات الإنسانية الحقيقية، وعلى رأسها الهلال الأحمر العربي السوري.
كل هذه الحقائق معلنة ومعروفة للجميع، وتدل بكل وضوح على أن إدلب ليست ما يسمونها “الملجأ الأخير للمعارضة المعتدلة”، ولكنها معقل الإرهابيين والمجرمين الذين لا يجوز التسامح بوجودهم إلى الأبد.
ننطلق من أن اتفاقات وقف إطلاق النار في إدلب أياً كانت لا تلغي ضرورة مواصلة محاربة الإرهاب بلا هوادة فيها، وإعادة الأراضي المذكورة تحت سيادة السلطات السورية الشرعية في أسرع وقت.
** الولايات المتحدة والدول الغربية تواصل حصارها وعقوباتها بحق السوريين.. وهناك توجه لتجديد هذه العقوبات من الاتحاد الأوروبي.. وإصرار على استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية رغم معاناة السوريين وخصوصاً في ظل أزمة تفشي “كورونا”.. كيف تنظرون لهذا الأداء الأوروبي.. وكيف يمكن مساعدة الشعب السوري الذي يعاني بشدة اليوم؟
= نتحدث منذ وقت طويل وبشكل علني عن الطبيعة الحقيقية للعقوبات الغربية ضد سورية والتي يكون هدفها البديهي هو الإعاقة والتأجيل بأقصى الدرجات لعودة الاقتصاد السوري عموماً وسكان البلاد العاديين إلى الحياة السلمية الطبيعية. وتجدر الإشارة إلى أنه بعد كل انتصار جديد يحققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في مكافحة الإرهاب يزداد الضغط الاقتصادي الخارجي على دمشق.
في ظروف وباء فيروس كورونا المستجد الذي تتحمل حتى الدول الغنية كالولايات الأمريكية المتحدة وحلفائها الأوروبيين خسائر مالية واقتصادية بسببها، قد تؤدي العقوبات المفروضة على الدول مثل سورية المدمرة بالحرب إلى تداعيات كارثية، وفي هذا السياق دعت روسيا الاتحادية وبعض الدول الأخرى إلى الرفع الكامل والفوري، أو التخفيف من العقوبات الأحادية الجانب، التي تعيق جهود الدول بما فيها سورية، في المواجهة الفعالة لهذا الوباء، وقد أيدت روسيا جميع المبادرات ذات الصلة للأمين العام للأمم المتحدة، والممثلين الأمميين الآخرين، لكن للأسف لا تجد هذه الدعوات أي استجابة، والمدافعون المعروفون عن سياسة فرض العقوبات العدوانية لا يعتزمون التخلي عن نهجهم بل على العكس، هم مستعدون لتكثيف الضغط على الدول التي لا يرضون عنها.
وفي هذا الشأن لاحظنا الخطوة الأخيرة للاتحاد الأوروبي الذي أصدر مجموعة من اللوائح والتوضيحات المتعلقة بتنفيذ عقوباته على سورية، وذلك في إطار التصدي لفيروس كورونا، حيث تلمح الوثيقة المذكورة إلى أن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع هذه القضايا “بطريقة إنسانية” وأن العقوبات المفروضة على سورية، لا تمنع بشكل رسمي من وصول الإمدادات الإنسانية والطبية إلى البلد، لكن الدراسة المفصلة للوثيقة تظهر بأنه في الحقيقة يتوقف تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين على عدد من الشروط والتحفظات البيروقراطية، علماً أن العقوبات الغربية تُفسر عادة بـشكل مفرط، والتوضيحات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي ستسهم فقط في تحذير الجهات الأوروبية الإنسانية من التعامل مع دمشق.
ومن المهم الإشارة إلى أن المناطق الخارجة عن سيطرة السلطات السورية الشرعية، لا تنطبق عليها على الإطلاق أي قيود فرضها الاتحاد الأوروبي على سورية، وتحصل هذه المناطق من الجهات الأجنبية الراعية على كل ما تحتاج إليه، وذلك على الرغم من أن الإحصاءات الرسمية للأمم المتحدة تظهر بأن عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية هناك أقل بكثير مما في باقي أنحاء سورية، ومن الواضح أن هذا النهج يتعارض مباشرةً مع مبدأي الحياد والنزاهة الدوليين في العمل الإنساني، وقد قدمت وزارة الخارجية الروسية في بيانها المؤرخ في ١٩ من أيار الحالي بتعليق مفصل عن هذا الموضوع (أضغط هنا).
وكما ذكرتُ، لا نترك أصدقاءنا السوريين من دون تأييدنا وسنواصل دعمنا للسلطات السورية الشرعية، ومساعدتها في الدفاع عن حقوق الشعب السوري، وذلك في إطار القانون الإنساني الدولي.
سيلفا رزوق – الوطن