«قطع وريد».. دراما اجتماعية معاصرة شعارها الانتقام

صراعات اجتماعية وحكاية معجونة بالتشويق وغموض يحيط بجريمة قتل كانت شرارة الحدث الرئيسي للعمل، والصراع على أشده وكما العادة على الميراث والثروة، ولكن بصورة غير معلنة، فلا مشكلة لدى رياض الخاطر في التخلص من جميع خصومه وحتى محبيه والمقربين منه في سبيل تحقيق منفعة مادية والوصول إلى الهدف المنشود ، فالجميع في مرمى نيرانه.
أحداث تحبس الأنفاس ومفاجآت لم تتوقف للحظة في «قطع وريد»، ففي كل مشهد عرض جديد ومختلف، وقد بدت الحكاية مع انتصاف العمل كمعادلة مستحيلة الحل وأحجية لا يمكن فك لغزها.
سيناريو العمل ((محمود إدريس)) مشدود بعناية فائقة وبطريقة مشوقة بعد أن كتب قصته سعيد الحناوي، الواقعية تسيطر على الحدث ولا شيء غير مبرر والأحداث تتصاعد بتراتبية مدروسة لتتكشف تفاصيل الحكاية مع اقتراب العمل من نهايته.
يلمع سلوم حداد بشخصية الرجل العطوف الحنون، ولكن تطغى الشخصية الشيطانية على ملامحه وسلوكه أكثر ، فمجموعة من العقد حملها معه من الطفولة المعذبة جعلت منه قاتلاً منظماً ومحنكاً بتقدم العمر، ولكن السؤال هنا: هل يعقل أن يصل به الأمر لقتل ابن أخيه الذي قِيل إنه ابنه من دون أن يوضح لنا العمل ذلك؟ وهل من المنطقي أن يتشفى بصورة والده ويحرقها ويستعرض نشوة الانتقام من قتل أخيه عاصم بهذا الشكل؟
كما تألق باسم ياخور بتأدية دوره وردات أفعاله التي كانت مقنعة وواقعية وبعيدة عن التصنع والاستسهال.
وأقنعتنا شكران مرتجى في معظم مشاهدها لتظهر قوية كبيرة حيناً وتبكينا حيناً آخر ، فهي الأم المكلومة بابنها الشاب الذي نفذ فيه حكم الإعدام ظلماً.
وبعد أن اعتاد الجمهور على رؤية كل من الفنانين جمال العلي وأندريه سكاف بأدوار كوميدية في أعمال كثيرة كان منها (لوحات بقعة ضوء وعائلة النجوم والخربة وضيعة ضايعة والواق واق وأبو جانتي ويوميات مدير عام) وغيرها من الأعمال الكوميدية، يطل النجمان اليوم بأدوار جدية وشخصيات وقورة ومتزنة في ((قطع وريد)) ليقدم العلي شخصية «أبو عامر» رب العائلة الذي يحمل عبئاً كبيراً ويتقدم بشهادة للمحكمة في جريمة قتل لينوبه من شهادته مقتل ابنه كانتقام على إدلاء شهادة حق ولا تتوافق مع مطلب البعض، على حين يظهر سكاف بشخصية “مأمون” الذي يفقد ابنته الشابة ويسعى لمعرفة الجناة ويرفض أي طريق للصلح والتفاوض.
وعلى الرغم من تعرض العمل لبعض الانتقادات بسبب قطعات الكاميرا التي كانت مفاجئة أحياناً إلا أن تامر اسحاق أبدع في شد خطوط الحكاية وأمسك بيد المشاهد حتى اللحظة الأخيرة، تماماً كما فعل في “زقاق الجن” على اختلاف النوع الدرامي.
وربما ظلم العمل تسويقياً وإعلامياً ولكن ذلك لم يقلل من أهمية حكايته وتنفيذها ولا بد من تصنيفه مع أهم الأعمال التي تصدرت المشاهدات لهذا العام إن لم نقل إنه تفوق عليها.
كما شهد العمل تفعيلاً أكثر لممثلي الصف الثاني وفئة الشباب من الجنسين ومنهم : أنس طيارة وعلاء زهر الدين وراما زين العابدين ومرح حسن ورامي أحمر وغيرهم.
مصعب أيوب – الوطن أون لاين