لمن يسأل.. هكذا تصل المشتقات إلى السوق السوداء!
علمت «الوطن» من مسؤول في الضابطة الجمركية أنه تم ضبط صهريج تابع لشركة «محروقات» محمّل بمادة المازوت، متجه نحو مقصد غير محدد له من الشركة، في ريف دمشق، الأمر الذي وصفه المسؤول بمحاولة لتهريب المادة، كاشفاً عن تسليم الحمولة لشركة «محروقات»، بعد ضبط الصهريج منذ يومين.
تقودنا هذه القضية، ربما؛ إلى إحدى قنوات تزويد السوق السوداء بالمشتقات النفطية من بنزين ومازوت، وخاصة أنها انتعشت مؤخراً، ووصل سعر لتر البنزين إلى ألف ليرة سورية، على حين يباع لتر المازوت بأكثر من 450 ليرة، وللتأكد من الموضوع تواصلت «الوطن» مع مصدر في وزارة النفط والثروة المعدنية، وقد نفى إمكانية أن يكون تغيير مسار الصهريج لبيع حمولته في السوق السوداء، مبيناً عدم إمكانية ذلك، لأن الكميات مضبوطة عبر البطاقة الذكية ومراقبة عن طريق الإنترنت من الشركة، فلا يمكن أن تصب بالنهاية إلا في محطة الوقود مقصد حركة الصهريج.
هذا الأمر دفع إلى السؤال عن مصدر كميات البنزين المتوافرة في السوق السوداء، ما دام التوزيع مضبوطاً ومراقباً، ليبين المصدر وجود عدة طرق لتزويد السوق السوداء، منها لجوء بعض أصحاب محطات الوقود للتلاعب بالكيل، حيث يتم اللجوء إلى تعبئة كميات أقل من المخصصة لكل سيارة، كتعبئة 17 إلى 18 لتراً بدلاً من 20 لتراً للسيارة، بعد التلاعب بالعدادات، لتظهر للزبون أن الكمية التي حصل عليها مطابقة لمخصصاته، ثم يتم بيع الوفر الذي حققته المحطة في السوق السوداء، لافتاً إلى أن هذا الأمر منوط بدوريات التموين، التي يجب أن تمارس دورها بشكل كامل في محطات الوقود.
ومن مصادر تزويد السوق السوداء بالمشتقات، أيضاً بيّن المصدر في وزارة النفط لـ«الوطن» أن بعض أصحاب السيارات يلجؤون إلى بيع مخصصاتهم في السوق السوداء التي يحصلون عليها عبر البطاقة الذكية، بأسعار مضاعفة.
وبالعودة والتأكيد على المصدر عن مصدر الصهريج الذي تم ضبطه بعد تغيير وجهته، وهل من إمكانية وجود اتفاق بين السائق وصاحب محطة الوقود لتفريغ الحمولة أو جزء منها بمكان غير المحطة، بهدف بيع تلك الكميات في السوق السوداء، فقد شدّد المصدر نفيه إمكانية حصول ذلك نظراً للضبط والمراقبة الشديدين من شركة محروقات عبر الإنترنت والبطاقة الذكية؟
ويبقى السؤال من دون إجابة مقنعة، فكيف غيّر الصهريج وجهته المحددة؟ ولماذا؟ فهل كان السائق في وارد القيام بـ«كزدورة» مثلاً؟
يشار إلى أنه يتوافر بائعو «البنزين» بكثافة ما بين حمص وطرطوس بجوار الحدود اللبنانية حيث يتم تهريب البنزين ويباع بسعر يتراوح ما بين ٦٠٠ الى ١٠٠٠ ليرة سورية لليتر الواحد دون إمكانية التأكد من جودته.
ويوم أمس تم افتتاح محطة بنزين في منطقة ٦٦ خلف المزة في دمشق للبيع الحر بدون البطاقة الذكية، وبسعر ٦٠٠ ليرة للتر الواحد، ولوحظ وجود إقبال كبير عليها، حيث وبسرعة قياسية اصطف طابور من السيارات ومنها سيارات «تكسي» وسيارات نقل صغيرة، ما يعني أن هناك عدداً كبير من المواطنين مستعدين لدفع أي ثمن للخروج من أزمة البنزين، وطرح عدد من المواطنين أسئلة تجاه تعرفة التكسي الذي ذهب لتعبئة سيارته بهذا السعر وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على أجرة نقله!
ومن المتوقع أن يتم افتتاح محطتين إضافيتين بالسعر الحرّ، وهو بنزين تم استيراده من لبنان حسب المعلومات المتوفرة، لكنه يباع هناك بسعر أقل بنحو 25%.
هذا ونعتذر من القراء لعدم عرض إجابات وافية من المديرين أصحاب الشأن المباشرين في وزارة النفط وخاصة في شركة «محروقات» لكونهم يرفضون التصريح إلا عن طريق المكتب الصحفي في الوزارة، وهذا ما قامت به «الوطن»، إذ أرسلت أمس الأول مجموعة أسئلة، للإجابة عنها، أو توجيه من يدلي بتصريحات شفهية من المسؤولين في الوزارة بشأنها، وذلك عبر الفاكس، إلى مدير المكتب الصحفي، بعد أن تم الاتصال به والاتفاق على هذه الصيغة، إلا أنه لم يجب على اتصالات عدد من المحررين، كما أنه لم يرد على الرسالة النصية التي أرسلت له عبر «الموبايل» للسؤال عن الإجابات، من دون أن نعرف أين أصبح موضوع التصريحات، والتي تحتاج إلى سرعة لوضع المواطن في صورة الواقع، ونقل وجهة النظر الرسمية الممثلة بوزارة النفط.
عبد الهادي شباط – رامز محفوظ