نواب الشعب يستغلون وجود وزير الاقتصاد لانتقاد الأداء الحكومي… الخليل: لا يوجد أي سبب اقتصادي وراء ارتفاع سعر الصرف
وجّه عدد من أعضاء مجلس الشعب انتقادات لاذعة للحكومة حول موضوع السياسات الاقتصادية، فاعتبر البعض أن هناك إنجازات عسكرية في حين على الجانب الآخر هناك انتكاسات اقتصادية، إضافة إلى أنه لا يوجد إجراءات لتحفيز المستثمرين، وهذا ما يدل على أن هناك إخفاقاً من الفريقين الحكومي والاقتصادي.
وقبل البدء باستعراض أداء وزارة الاقتصاد في جلسة المجلس أمس المخصصة لذلك، أجهش عدد من النواب بالبكاء حزنا على زميلتهم جورجينا رزق التي توفيت أمس الأول إثر حادث أليم، فخيم الحزن على الجلسة.
أشار النائب أحمد الكزبري إلى موضوع تبسيط الإجراءات لتحفيز المستثمرين، مضيفاً: «أين تبسيط الإجراءات الذي تم الحديث عنها اليوم؟ فإذا حصلت على ترخيص شركة خلال شهرين فإن أبو زيد خالك».
وفي مداخلة له تحت القبة، تطرّق الكزبري إلى أن دوريات الجمارك تدخل إلى المحلات، ورغم أنه يتم تقديم فاتورة لهذه الدوريات فإنها لا تعترف بها، وتنظم ضبوطاً جمركية حتى في نهاية الشهر لتبرز للحكومة أنها نظمت ضبوطاً بقيمة معينة، معتبراً أن هذا من أحد المؤشرات غير الصحيحة التي لا تبين في أي اتجاه يذهب الاقتصاد.
وأكد أنه تم طرح أكثر من مرة تحت القبة موضوع إعادة النظر في القرار الخاص بالسماح بإدخال معدات البناء، مضيفاً: «آن الأوان لإعادة النظر بهذا القرار».
وشدّد الكزبري على ضرورة تخفيض الفائدة للمستثمرين المقترضين ضمن منظومة قانونية سليمة، وخصوصاً أن البنوك السورية تؤكد حسب تصريحات لوزير المالية أنه يوجد لديها مئات المليارات جاهزة للإقراض.
ورأى النائب محمد رعد أن الوزراء يركزون على الإيجابيات وما تم إنجازه، مشيراً إلى أن وزير الاقتصاد لم يتحدث أثناء عرضه لأداء وزارته عن تمويل المستوردات التي تتم بالقطع الأجنبي.
وتساءل رعد: لماذا الدولة حتى الآن تمول المستوردات مع العلم أن القطع الأجنبي بحيازة التجار وليس مع الدولة نتيجة السياسة الاقتصادية الخاطئة لهذه الحكومة؟
وبيّن أن سعر الصرف الرسمي أقل من النصف مقارنة مع السوق السوداء، وبالتالي «حرمنا خزينة الدولة من كل التحويلات التي تأتي من الخارج، وهي بملايين الدولارات»، ومن هذا المنطلق سأل «من المستفيد من هذا الفرق الشاسع بين سعر الصرف النظامي وسعر السوق السوداء؟».
ودعا رعد إلى التركيز على العقبات التي تنعكس على الحياة اليومية للمواطن، معتبراً أن هناك انتصارات في الجانب العسكري وانتكاسات في الجانب الاقتصادي.
وأشارت زميلته غادة إبراهيم إلى أن الاجتماعات التي جرت حول تفعيل دور المشاريع المتوسطة والصغيرة لم تحدث سوى مكاتب للتعريف بالهيئات المعنية في هذا الموضوع، متسائلةً «هل نعود إلى عشرين عاماً للوراء؟»، مشددة على ضرورة الاستفادة من هذه المشاريع.
ولفت النائب نبيل صالح إلى أنه تم استبدال النظام الاشتراكي التي اعتمدته الدولة السورية حتى عام 2000 بنظام السوق الاجتماعي حتى قبل اشتعال الحرب على سورية، مؤكداً أن الحكومات المتعاقبة لم تقدم أي اقتصاد مقاوم بقصد استثمار الطاقات الوطنية المتاحة داخل البلاد.
ورأى صالح أن الاقتصاد الوطني كان يخسر في حالة غير مفهومة، في حين كان هناك انتصارات للجيش في أرض الميدان، مضيفاً: «جلّ ما عملته حكوماتنا الراشدة هي التلطي خلف الحرب حتى باتت الشماعة لتبرير الفشل الاقتصادي».
وشدّد على ضرورة إيجاد صيغة لاقتصاد مقاوم يطبق على الجميع أو العودة إلى النظام الاشتراكي، بدلاً من استنزاف المستهلك والتاجر والصناعي عبر موظفين فاسدين يعملون في وزارة التموين وغيرها.
واعتبر النائب وليد درويش أن لا تطوير في الإجراءات الاقتصادية، لافتاً إلى أن الحكومة تتحدث عن موضوع ترشيد الاستيراد في حين هناك الكثير من السيارات الفارهة موجودة في السوق، كما أن البضائع التركية موجودة حتى في الصالات الحكومية.
وأشار درويش إلى أن الحكومة حتى الآن لم تستطع ضرب أي مضارب أو متلاعب بسعر الصرف.
ولفت النائب مجيب الرحمن الدندن إلى أن هناك تخبطاً في الإجراءات الاقتصادية، مؤكداً أن سورية دولة قوية وقادرة على أن تتجاوز المشاكل الاقتصادية، لكن في حدود علمية توافق عليها السلطة التنفيذية، وتقرها السلطة التشريعية، مضيفاً: «أما أن تتغير هذه الخطط بتغير الوزير فإن هذا لا يجوز، وتحدثت أكثر من مرة أن هناك خططاً للتنمية يجب أن تقرّ».
وحمّل زميله محمد الجغيلي وزارة الاقتصاد مسؤولية ما يجري حالياً في المجال الاقتصادي، مشيراً إلى أنه منذ أسبوع ارتفع سعر الصرف، وبالتالي ما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حيال ذلك؟
الوزير يرد
بين وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل أن مشروع قانون الاستثمار سيقدم لمجلس الشعب بعد أن تم عرضه على الحكومة أكثر من مرة، معتبراً أنه واعد ومهم جداً، وقد تمت صياغته بما ينسجم مع التشريعات الموجودة.
ورداً على مداخلات الأعضاء، أكد الخليل أن هناك خطة طموحة لتطوير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتفعيل مؤسسة ضمان مخاطر القروض، وسوف تكون النتائج قريبة في هذا الموضوع.
وأكد أنه لا يوجد اليوم أي سبب اقتصادي وراء ارتفاع سعر الصرف، وكل ما هو قائم حالياً أن هناك مشكلات في بعض دول الجوار، إضافة إلى سعي حثيث من أميركا لتجفيف الدولار، وحصار مطبق على مصارف المنطقة لمنع دخول الدولار.
وأشار الخليل إلى أنه لمجرد ارتفاع أسعار الصرف يبدأ بائعو الخضار والفواكه وهي محلية الإنتاج برفع الأسعار، والتاجر حتى المستورد يسعر على أسعار الصرف المتوقعة وليست الجديدة، والحجة أنه يوجد لديه كمية من المواد لا يريد أن يخسر بها.
وأوضح الخليل أن من أسباب ارتفاع سعر الصرف أنه في الحرب تتأثر أسعار الصرف نتيجة أن هناك الكثير ممن يحولون الأموال المكتنزة لديهم إلى قطع أجنبي أو ذهب، وهذا ما لجأ إليه العديد من المواطنين في بداية الحرب، إضافة إلى أنه في عام 2013 انخفض الناتج المحلي بنسبة -26 بالمئة وهذا يدل على أن الاقتصاد في حينها تعرض لهزة كبيرة نتيجة أنه لم يعد هناك مواد يتم تصديرها، وبالتالي غاب القطع الأجنبي، إضافة إلى دخول المضاربين على الخط وكل هذه الأمور تركزت في بداية الحرب.
وأكد الخليل أن الاقتصاد السوري بدأ يتحسن في عامي 2017 و2018، إذ بدأت ملامح التعافي الاقتصادي تظهر، وهناك العديد من المنشآت عادت للعمل، كما أن هناك مؤشرات اقتصادية أصبحت تتضمن معدلات نمو اقتصادي مقبولة ومعدلات تضخم أقل، وبالتالي هناك مواد أكثر ذات إنتاج محلي تدخل إلى السوق، وبالتالي هذا يعكس زيادة الطلب على الليرة.
وأكد الخليل أن زيادة الرواتب درست في الحكومة لمدة ثمانية أشهر، وفي الوقت التي تحققت فيه بدأت حملة على زيادة الأسعار حتى يكون هناك حالة من التوتر الاقتصادي عالي المستوى يؤثر على تفكير المواطنين والصناعيين والتجار، مؤكداً أنه في الواقع لم يحدث أي شيء سلبي، وهناك واقع اقتصادي يتحسن بشكل تدريجي، لكن بدلاً من أن يشعر المواطن بأن هناك تحسناً، بدأ يشعر أن هناك هجمة وارتفاعاً في سعر الصرف، وهذا شكل من الحروب، وهو الأخطر.
وقدم الخليل في بداية الجلسة عرضاً موجزاً حول أداء وعمل الوزارة خلال الأشهر الماضية وفق المحاور الأساسية التي تعمل عليها، مؤكداً أن سياسة التجارة الخارجية من جهة التنظيم هي في أوضح المراحل وأكثرها شفافية، على مستوى تحديد المواد المسموح باستيرادها، وهي لجميع المستوردين من دون استثناء، ومن دون سقوف، وفق شروط محددة، وآلية موحدة، وما جرى الآن هو مراجعة للدليل التطبيقي الالكتروني الموحد لإجازات وموافقات الاستيراد بهدف العمل على تخفيف ما أمكن من استيراد المنتجات التي يوجد لها مثيل محلي، ولتعزيز قدرة سياسة التجارة الخارجية على تحقيق متطلبات الاقتصاد الوطني ودفع عجلة الإنتاج.
وبين الخليل أن العمل جارٍ على تنفيذ الخطة الوطنية للتصدير من خلال التعاون مع كافة الوزارات والجهات المعنية، إذ شخّصت هذه الخطة كل معوقات التصدير والحلول اللازمة لها.
أما فيما يتعلق بالسياسات الاستثمارية المعنية فيها الوزارة، فأوضح أن الوزارة راجعت بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية الأخرى الإطار التشريعي الحاكم للاستثمار في سورية، كالمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007، وتم إعداد مشروع قانون للاستثمار.
وفيما يخص مجال التعاون الدولي، أشار الخليل إلى أن الوزارة تعمل عليه بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين وهيئة التخطيط والتعاون الدولي من خلال الترويج للاستثمار وتحقيق بعض المزايا للمنتجات السورية عند تصديرها للدول الأخرى، من خلال استيراد هذه المنتجات بأقل عوائق ممكنة ورسوم جمركية، إضافة لتأمين احتياجات سورية من الدول الصديقة الأخرى.
محمد منار حميجو