هل يغامر أردوغان باحتلال ادلب؟
أججت الأنباء أخيراً عن حشود للجيش التركي على الحدود الشمالية لمحافظة إدلب الخلافات بين الميليشيات المسلحة فيها والتي انقسمت فيما بينها بين فريق مؤيد ومطالب للتدخل التركي ومعارض له في المحافظة التي خرجت عن سيطرة الدولة السورية ربيع العام 2015.
والسؤال الملح، بحسب مراقبين للوضع في إدلب لـ “الوطن أون لاين، يتمحور حول جدية حكومة “العدالة والتنمية” التركية باتخاذ قرار باحتلال إدلب مع ما يعنيه ذلك من التغريد خارج سرب وثيقة اتفاق المناطق الأربع “منخفضة التصعيد” وبصفتها ضامناً لتنفيذه مع روسيا وإيران.
المراقبون ذهبوا من حيث المبدأ بأن الظروف غير مواتية لتدخل عسكري تركي في إدلب يخلط أوراق المنطقة برمتها وليس فقط مناخ الواقع الميداني السوري، لكنهم أكدوا أنه لا يمكن الوثوق بثبات موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يكمل أي استدارة بادر بها اتجاه حلحلة الوضع في سورية لتهيئة الظروف المواتية لحقن الدم السوري والمتلون كالحرباء بحسب أهوائه الشخصية ومصالح طغمته الحاكمة في حزبه بعيداً عن المصالح القومية لتركيا والشعب التركي الرافض لأي تدخل في شؤون الدول المجاورة الداخلية أو خلق إنموذح جديد شبيه بوضع قبرص التركية.
وأوضح المراقبون بأن منطقة “خفض التوتر” التي تشكلها إدلب، كأكبر حيز جغرافي بين المناطق الأربع، لا يمكن أن تتحول إلى منطقة آمنة بحسب الميثاق مع الدولتين الأخريين الضامنتين للاتفاق روسيا وإيران ولا حتى مع وجهة نظر الإدارة الأمريكية الجديدة لأن السياسة الخارجية حيال المنطقة للرئيس دولاند ترامب لم تتبلور بشكل نهائي بعد، ولذلك فمن غير الممكن من الناحية العملية التدخل عسكرياً في منطقة يسودها الاحتقان والحرب الطاحنة التي قد تنطلق شرارتها في أي لحظة بين أهم تشكيلين عسكريين وهما ميليشيا “حركة أحرار الشام الإسلامية” والفصائل المتحالفة معها و”هيئة تحرير الشام” التي تقودها “جبهة النصرة” التي غيرت اسمها إلى “جبهة فتح الشام”.
ومن الناحية العملية، ثمة خلل في تسريب خبر تدخل الجيش التركي في إدلب على لسان والي هاتاي (لواء اسنكندرون) والذي نفى الأمر لاحقاً، إذ أشارات التسريبات عن نية الجيش فتح كوات في الجدار الفاصل الذي أقامته الحكومة التركية على طول الحدود مع منطقتي حارم وسلقين لعبوره باتجاه إدلب واحتلال باقي مناطق المحافظة لإقامة 3 قواعد عسكرية وإعادة تأهيل البنية التحتية في المحافظة وتجريد “النصرة” من سلاحها لصالح بقية الميليشيات المناوئة لها.
إذ كيف يمكن العبور داخل مناطق هي في الأساس تابعة لحكم “النصرة” بل مراكز ثقل تقليدية مهمة لها بهدف نزع سلاحها والإطاحة بحلمها إقامة إمارة إسلامية قاعدية على غرار شقيقها تنظيم “داعش” بعد أن استولت على مناطق بقوة السلاح في المعارك التي دارت مطلع العام الجاري مع الميليشيات الموالية والمدعومة من الحكومة التركية مثل “أحرار الشام” ويجري العمل والاستعدادات لاستنساخ التجربة مجدداً وعين فرع القاعدة في سورية هذه المرة على معبر باب الهوى الحدودي أهم بوابة حدودية متبقية لتلك الميليشيات مع حليفتها تركيا بعد أن سيطرت “النصرة” على معبر قرية خربة الجوز قرب جسر الشغور في ريف ادلب الغربي وفرضت سطوتها على معبر قرية أطمة شمالها بحيث لا يمكن مرور السلاح من تركيا إلى الداخل السوري إلا برضاها ومباركتها.
وخلاصة القول أن الظروف الراهنة عير مؤهلة لتدخل عسكري تركي محتمل في إدلب وأن الأنظار تتجه نحو تثبيت هدنة المناطق “منخفضة التوتر” لستة أشهر ليمكن البناء عليها مستقبلاً في انطلاقة حقيقية لمؤتمر جنيف المقبل الذي لا تتوافر حالياً عوامل إنضاجه إلا إذا قرر أردوغان المغامرة من دون حساب العواقب.
إدلب- الوطن أون لاين