حرصت موسكو على إيضاح أنها تتواصل مع الجانب الأميركي حول إقامة «مناطق تخفيف التصعيد» في سورية بموجب ما نص عليه اتفاق أستانا، وذلك بعد أن تسربت أنباء عن اقتراب الجانبين من التوصل إلى هدنة جديدة في كل من الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، وبعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن هدنة جديدة في منطقة سورية معقدة.
التوضيح الروسي جاء مترافقاً مع استكمال روسيا والأردن لمفاوضاتهما بشأن منطقة تخفيف التصعيد بجنوب غرب سورية، وإعلان عمان عن أن الاتفاق بشأن هذه المنطقة بات في مراحله النهائية.
ويأتي حرص الأميركيين على تمديد الهدنة باتجاه هاتين المنطقتين جراء خشيتهما من هزيمة المسلحين على يد الجيش، وأيضاً في التحاق واقعي بمسار أستانا والتفاوض على نتائجه مباشرة مع الروس، وإن اقتصرت المشاركة الأميركية في محادثات العاصمة الكازاخية على الرقابة.
وتوحي خريطة العمليات العسكرية والجهود الدبلوماسية بالكثير من التطورات المستقبلية. فالروس توسطوا في اتفاق تهدئة في القلمون الشرقي، وسط قبول عدد من الميليشيات المسلحة ورفض أخرى، وإلى الغرب تتواصل تحضيرات الجيش العربي السوري وحزب اللـه اللبناني بدعم روسي لإطلاق معركة الجرود على الحدود السورية اللبنانية، أما إلى الشرق فيواصل الجيش التقدم باتجاه ريف دير الزور الغربي وريف حمص الشرقي، في حين تعلن ميليشيات مسلحة قريبة من المحور الأميركي قرب إطلاق عملية ضخمة لتحرير دير الزور من تنظيم داعش الإرهابي، مؤكدين أن العملية المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ستبدأ قبل نهاية معركة الرقة.
في موسكو، علق نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف على تصريحات الرئيس ترامب حول الجهود للتوصل إلى «هدنة ثانية» في سورية، قائلاً: إن «الجانب الروسي على اتصال بالشركاء الأميركيين حول إقامة مناطق تخفيف التوتر بسورية، والمواضيع الأخرى المطروحة للنقاش في سياق عملية أستانا للتفاوض حول التسوية السورية». وتابع ريابكوف المسؤول في الخارجية الروسية عن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، والذي يتولى التفاوض مع نظيره الأميركي توماس شانون قائلا: «من الطبيعي أنه مع تسريع وتائر العمل على هذا الاتجاه وتراكم الخبرة، فإن ذلك يتيح لنا مواصلة اتصالاتنا بهذا الشأن وتعميقها».
وفي وقت سابق من يوم أمس، نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن مصدر وصفته بالمطلع، قوله إن روسيا والولايات المتحدة الأميركية قد تعلنان هدنة ثانية في سورية، تشمل ريف حمص، والتي أعلنتها كل من تركيا، روسيا وإيران منطقة تخفيف تصعيد بموجب اتفاق أستانا لشهر أيار الماضي.
وأوضح المصدر، أن خبراء، من أميركا وروسيا، يجرون مشاورات في إحدى العواصم الأوروبية حول هذا الموضوع. وتوقع أن يتم الإعلان عن الهدنة قبل الجولة القادمة من اجتماعات أستانا، المقررة في شهر آب المقبل، ورجح أن يبدأ سريان وقف إطلاق النار، في أواسط الشهر المقبل. وأضاف: «على الأرجح، ستشمل الهدنة حمص، وربما الغوطة الشرقية».
من جانب آخر، تناول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأردني أيمن الصفدي خلال مكالمة هاتفية جاءت استمراراً لمحادثات هاتفية جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك الأردني عبد اللـه الثاني الأسبوع الماضي، القضايا الإقليمية الملحة، ولاسيما تسوية الأزمة السورية. وبحث لافروف والصفدي الإجراءات التي تتخذها روسيا والأردن وبعض الدول الأخرى لإحلال نظام وقف إطلاق النار في سورية، ولاسيما في سياق تنفيذ المذكرة الموقعة من قبل ممثلي روسيا والأردن والولايات المتحدة في 7 تموز الجاري حول إقامة منطقة لتخفيف التصعيد جنوب غربي سورية. كما تم خلال المكالمة التشديد على ضرورة احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها بمراعاة أحكام القرار الدولي رقم 2254.
وفي عمان، كشف وزير الإعلام الأردني، محمد المومني، أن آلية مراقبة وقف إطلاق النار في مناطق جنوب غرب سورية، التي اتفق عليها الأردن وأميركا وروسيا ضمن اتفاق عمان، وصلت إلى مراحلها النهائية.
وأشار المومني، وهو المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية، في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية «كونا»، إلى أن اتفاق عمان يهدف لدعم وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية بين قوات الجيش العربي السوري والقوات الموالية لها و«قوات المعارضة السورية المسلحة»، مبيناً دور وأهمية الاتفاق في تعزيز جهود ترسيخ الأمن والاستقرار في سورية ودعم الجهود الساعية إلى حل سياسي بين جميع أطراف الأزمة السورية، بالإضافة إلى تسهيل عملية وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين.
وشرح المومني رؤية الأردن للاتفاق باعتباره خطوة مهمة لدعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية والقضاء على الإرهاب، وبالتالي ضمان أمن الحدود وعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، مشدداً على أن أمن واستقرار سورية يعد مصلحة إستراتيجية للمنطقة. وأكد أن اتفاق عمان يعد اختباراً وتحدياً لروسيا وأميركا بصفته نقطة تحول وسابقة يسعى البلدان للبناء عليها لحل النزاع السوري.
وسبق لمبعوث الرئيس الأميركي الخاص لـ«التحالف الدولي» لمكافحة داعش الذي تقوده أميركا بريت ماكغورك، أن أشاد بدور روسيا في نشر مراقبين لمنع انتهاكات وقف إطلاق النار.
وفي السياق ذكرت مواقع الكترونية معارضة، أن اجتماعاً ضم عدداً من قياديي ميليشيا «الجبهة الجنوبية» مع خبراء أميركان وروس وأردنيين، أول من أمس، في العاصمة الأردنية عمان، بهدف بحث هدنة جنوب غرب سورية.
وقالت المصادر: إن محور الاجتماع «كان حول تثبيت الهدنة في المنطقة الجنوبية من سورية، وآليات وضع مراقبة وقف إطلاق النار».
الوطن – وكالات