وزارة العدل تعقّب حول ما نشر لجهة منح نقابة المحامين معذرة لجميع المحامين
تعقيباً لما نشر على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لجهة منح نقابة المحامين معذرة لجميع المحامين تبدأ من يوم الأحد 9/8/٢٠٢٠ لغاية الخميس 10/9/٢٠٢٠ قابلة للتمديد وفقاً للظروف الصحية.
نوضح ما يلي:
إعمالاً لنص المادة الثامنة الفقرة هـ من قانون السلطة القضائية ووفقاً لما تم تداوله بخصوص منح معذرة للسادة المحامين كافةً من السيد نقيب المحامين.
وبعد الاطلاع على هذه «المعذرة» وفقاً للصيغة التي يتم تداولها «لعدم ورودها بشكل رسمي لوزارة العدل» حيث شاعت بعد نشرها على صفحة نقابة المحامين في منصة فيسبوك للتواصل الاجتماعي الساعة 4.49 من عصر يوم الثلاثاء الواقع في 4 آب وآخر أيام عيد الأضحى المبارك وجاء المنشور بالصيغة التالية:
نظراً للظروف الصحية وحرصاً على سلامة الزملاء وكل أفراد المجتمع تمنح معذرة لجميع المحامين من الأحد 9/8/٢٠٢٠ ولغاية الخميس 10/9/٢٠٢٠ قابلة للتمديد وفقاً للظروف.
ولقد أجاز قانون تنظيم مهنة المحاماة النافذ رقم 30 لعام 2010 وتحديداً المادة 44 للنقيب – إضافة إلى مهامه وواجباته برئاسة اجتماعات مجلس النقابة وتنفيذ قرارات هذا المجلس وأن يقاضي باسمها – أن يمنح المعذرة لأعضاء مجلس النقابة ولأي من المحامين.
وهذا النص هو تعديل «بصيغة الإضافة» إلى نص المادة 44 من القانون «السابق» ذي الرقم 31 الصادر بتاريخ 21/8/1981 حيث أضيفت الجملة الآتية في نهاية الفقرة آ: (ومنح المعذرة لأعضاء مجلس النقابة ولأي من المحامين)
وبهذه الإضافة يكون المُشرع قد خرج عن الحق الأصيل (الممنوح لرئيس الفرع) والذي حافظ عليه كلا القانونين المتتاليين، سواء القديم ذي الرقم 31 لعام 1981 أم النافذ حالياً ذي الرقم 30 لعام 2010 والذي تمتع به رئيس الفرع وفقاً لنص المادة (55) في كليهما وبحرفية ما أورده المشرع (الذي لا ينسب له لغو) حيث قال يتمتع رئيس الفرع بالصلاحيات التالية (خمس صلاحيات):
3- «يمنح المعذرة لمحامي الفرع».
ومرد ذلك أن رئيس الفرعِ يدعو الهيئة العامة كافةً للانعقاد، ويجوز يوم انعقادها أن يمنح معذرة تتم بالتنسيق مع وزارة العدل بحسبان أن قانون تنظيم المهنة ذاته قد أعطى لوزارة العدل حق الإشراف والتفتيش وبعض الحقوق الأخرى المنصوص عنها كما في المواد (7-20-34-37-105).
وحيث إن هذه الدعوة عامة فلكل أعضاء الهيئة العامة للفرع الحق بحضورها ولهذه الناحية أجاز المشرع لرئيس الفرع منح معذرة جماعية (فقط للمسجلين بذات الفرع) يتم تنسيقها مع وزارة العدل والعدلية التي فيها الفرع وذلك إضافة إلى حالات تنسيقية عامة أخرى تتم بناءً على استحقاقات قانونية ودستورية وذلك كله إضافة إلى مؤسسة المعذرة الأصلية المتعلقة بالظروف الخاصة بالمحامي ومعرفة الأستاذ الرئيس بملابساتها فهي معذرة ترتبط بشؤون المحامين الحياتية والتي يجب على أعضاء الفرع ورئيسه أن يكونوا على اطلاع بها (سفر– مرض– أحوال شخصية.. إلخ) والتي يغلب عليها الطابع الشخصي والتفرد.
وبالوقت ذاته راعى المشرع علاقة مجلس النقابة مع الفروع والصعوبات التي تنشأ أثناء قيام عضو مجلس النقابة بعمله (فعدل المادة 44) حيث سمح للسيد النقيب تكريماً لهؤلاء الأعضاء أن يمنحهم المعذرات الضرورية وهذه المعذرات بينة لجهة الجمع الذي ينصب حصراً على أعضاء مجلس النقابة دون سواهم، فيما استطرد النص حينما سمح بمنح أي محام معذرة وهي معذرة غير جمعية تنصب على فرد أو بضعة أفراد، وهذه الجمعية المطلقة غير جائزة بتاتاً فهو لا يملك (أي النقيب) كما أي شخص متفرد مهما سما أو علا منصبه أو تسميته أو مقامه أن يوقف عمل السلطة القضائية بعموم أراضي الجمهورية العربية السورية وهذا أمر يقرره مجلس القضاء الأعلى مجتمعاً وضمن الأصول القانونية، وليس بقرار إفرادي، وهذا مبدأ دستوري يمنع أياً من سلطات الدولة أن تتسيد على الأخرى أو تؤثر في عملها، حيث منح الدستور مقام رئاسة الجمهورية وتحديداً شخص السيد الرئيس الضمان الفعلي لهذا الفصل بين سلطات الدولة كافة.
فكيف إذاً بنقابة المحامين التي ورد في قانون تنظيم مهنتها أنها (تنظيم مهني اجتماعي علمي، مؤسس وفق أحكام الدستور) وأنها تعمل لتحقيق مجموعة أهداف أوردتها المادة الرابعة فحددت بالفقرة الثالثة: (العمل على تيسير سبل العدالة أمام المتقاضين). والتي تعاون القضاة أن تملك بقرار من نقيبها إيقاف مسيرة التقاضي وتجميد عمل المحاكم وللمدد التي تحددها ووفقاً للغايات التي تقدرها وللأسباب التي ترتأيها؟
وبما أن الدستور يمنع هذا التعطيل ويقيد هذا التفرد ويحرم هذا التسلط فإننا نجد أن نص قانون أصول المحاكمات الصادر بعد ست سنوات من صدور قانون تنظيم المهنة (القانون رقم 1 لعام 2016) قد راعى تفرد المعذرة كمؤسسة قانونية وكرس ضرورتها لرعاية ظروف بعض السادة المحامين وليس لتقييد أو إيقاف سيرورة التقاضي وجعلها حالة كيفية اتفاقية بين وكلاء الأطراف، فقد ورد بالمادة 122 لا يجوز رفض معذرة المحامي النقابية إلا لأسباب جدية وبقرار معلل.
ويلاحظ استخدام المُشرع للصيغة الإفرادية (معذرة المحامي) التي هي الأصل في ظهور هذه المؤسسة القانونية المهمة.
وبناءً على ذلك ولكون ما صدر وما كُتب على صفحة نقابة المحامين ما سمي معذرة عامة فهو إجراء غير قانوني لجهة الشكل فليست وسائل التواصل وسيلة تبليغ إضافة إلى أن هذا الإجراء لا يتم من النقيب لعموم السادة المحامين في الجمهورية العربية السورية، كما أنه لا يجوز قبوله على فرض أنه ورد لجموع أو فرادى من السادة المحامين، لأن محل المعذرة ليس من مهام وصلاحيات نقابة المحامين فقد تشكل في الجمهورية العربية السورية وبناءً على أحكام المرسوم رقم 7 لعام 2007 فريق حكومي يتولى مع جميع سلطات وهيئات ومؤسسات الدولة العمل على التصدي لجائحة كورنا كوفيد 19 وأن قرارات وزارة الصحة مع الفريق الحكومي المختص هي القرارات التي تتخذ الصفة القانونية في التعاطي العام مع هذه الجائحة ومن ثم أصبحت أسباب رفضه مبررة وتستند إلى الأصول القانونية على فرض أنه لم يكن للمحامين كافة حيث إن الحالة الأولى بذاتها تجعل من المعذرة غير قانونية.
ولأجل هذا وتخفيفاً على السادة القضاة ممن سيتبلغ المعذرة فيما إذا صدرت بشكل وكتاب أصولي فإنه يمكن لمجلس القضاء الأعلى حينها أن يردها ويرفضها بتبرير عام للسببين الآنفين المتعلقين لكونها للمحامين كافة ومن دون تنسيق مع السلطة القضائية ولعدم وجود المبررات الموضوعية التي تسمح بمنح المعذرة للأفراد.