وزير الصناعة: تجربة “الصناعة” مع البعض في القطاع الخاص غير مجدية
صرّح وزير الصناعة محمد معن جذبة لـ«الوطن» بأن قطاع الصناعة يحتاج إلى تعزيز ودعم أكثر ليكون قادراً على المنافسة وسط الأسواق المحلية والخارجية، وفق عدة محاور، أبرزها؛ حماية المنتج الوطني كإحدى ركائز
الإنتاج الصناعي، منوهاً بأن الحكومة قدمت العديد من التسهيلات لدعم الصناعة الوطنية، مؤكداً أن إمكانيات الصناعة ضخمة لكنها «لا تحسد»، إذ تحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرةّ.
وعن موضوع الفساد الإداري وإصلاح الإدارات والخلل واستمرار المدير في مكانه لسنوات عدة، بيّن الوزير أن مؤسسات القطاع العام الصناعي لا تخلو من الفساد، ووزارة الصناعة تعتبر مكافحة الفساد من أولويات عملها، مؤكداً أن ليس لديه حالياً أي ملف فساد، ولكن «لو تقدم لي أحدهم بملف فساد عن أي مدير سوف تتم إحالته فوراً على الرقابة والتفتيش، وعندما يكون هناك أي مشكلة سواء بمدير، أو بأي شيء من هذا القبيل، سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللأزمة بحقه».
وفيما يخص التشاركية ودور القطاع الخاص مع وزارة الصناعة بيّن جذبة أن تجربة وزارة الصناعة مع البعض في القطاع الخاص غير مجدية، لافتاً إلى أن الوزارة تسعى إلى تطوير البيئة التمكينية للقطاع الخاص، وذلك من خلال مؤازرة ودعم الصناعيين الوطنيين كافة الذين استمروا بالإنتاج رغم الصعوبات البالغة أثناء الحرب، بما فيها دعم المنتجين في الشركات المتضررة، بحيث تستطيع إعادة الإقلاع من جديد، ليس فقط لاستعادة الإنتاج الصناعي، ولكن أيضاً لزيادة مستويات التشغيل والتحريض الاقتصادي والتنمية الصناعية المكانية وزيادة إيرادات الدولة لاحقاً، إضافة إلى متابعة ترميم المناطق الصناعية المتضررة واعتماد الحوافز التي تمكّن الصناعيين من العودة إلى العمل وترميم منشآتهم والإقلاع بها من جديد.
استقطاب المهاجرين
وعن الإجراءات التي قامت بها الوزارة لاستقطاب الصناعيين الذي هاجروا بسبب الأزمة، أكد الوزير أهمية تبسيط الإجراءات للمنشآت الصناعية المتعلّقة بتأمين مستلزمات العملية الإنتاجية، ومكافحة التهريب كأولوية لدعم الإنتاج المحلي، موضحاً أن هناك مساعي تم من خلالها وضع محفزات لاستقطاب رؤوس الأموال الصناعية المهاجرة بأقرب وقت ممكن، ولا سيما أن عامل الزمن سيلعب دوراً بتمركزها النهائي في الخارج، إضافة إلى العمل على تأهيل شركات القطاع الخاص لإنتاج بدائل المستوردات.
منهجية صناعية
بيّن الوزير أن الوزارة تعمل بمنهجية علمية لتطوير المنتج المحلي وتأهيل وإقلاع خطوط الإنتاج بعد ترميمها، لافتاً إلى وجود مساعٍ للتعاون مع المراكز البحثية لإعطاء منتج أفضل ينافس عالمياً.
وأوضح جذبة أن العمل مستمر في الوزارة لتصريف المخزون الإجمالي لشركات القطاع العام، حيث تم تصريف ما قيمته نحو 12.3 مليار ليرة من قيمة المخزون.
وعن عمل الوزارة في إطار برنامج سورية ما بعد الأزمة بيّن الوزير أنه من المفترض أن يصبح دور وزارة الصناعة؛ وزارة سياسات وضابط إيقاع، وذلك من خلال اعتماد محددات السياسة الصناعية سبيلاً للنهوض الشامل.
أما أهداف الوزارة وسياستها، فيجب أن تعمل بداية على تقديم الدعم للشركات الرابحة من خلال تأمين مستلزمات استمرارها في العمل والإنتاج والوصول إلى طاقاتها الإنتاجية القصوى وتعظيم أرباحها، والأهم زيادة الطاقات الإنتاجية للشركات الحدية لتحويلها إلى شركات رابحة، من خلال رفع نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية وتخفيض تكاليف المنتجات بشكل دقيق.
ونوّه بأهمية استثمار الموقع والبنى التحتية لبعض الشركات المتوقفة التي لا يوجد جدوى من إعادة تأهيلها وتشغيلها بالنشاط نفسه، لإقامة مشروعات صناعية ذات جدوى اقتصادية كشركة الكبريت المتوقفة قبل الأزمة وتحويلها إلى شركة لإنتاج الطاقات المتجددة، وهنا لا بد من وجود الأدوات التنفيذية للوصول إلى الغاية المطلوبة، التي تتمثل بالتشخيص الفعلي وعلى أرض الواقع لكل شركات القطاع العام وتحديد خياراتها الإستراتيجية لإعادة تأهيلها وتطويرها أو تغيير نشاطها.
إضافةً إلى دراسة الواقع الحالي للموارد البشرية على مستوى القطاع كله، وعلى مستوى كل شركة، وتدوير هذه الموارد لإعادة الإقلاع بالقطاع من جديد، ومن ثم تقييم أداء المنشآت الصناعية العاملة من خلال تحليل ودراسة المؤشرات الكمية بوساطة مديرية التكاليف والتحليل المالي التي تم إحداثها في الوزارة لهذا الغرض.
معايير التقييم
لفت الوزير إلى أن تخفيض مخزون المنشآت الصناعية أمر في غاية الأهمية، وذلك من خلال ابتكار آليات جديدة للتسويق، بما يسهم بزيادة الريعية الاقتصادية، واعتماد مبدأ علمية الصناعة وتجسيرها مع حداثة المنتج، وقد تم إعداد معايير لتقييم شركات القطاع العام الصناعي فنياً وإنتاجياً ومالياً، تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب، وتقييم أداء الإدارات ومجالس الإدارة واللجان الإدارية في المؤسسات وجهاتها التابعة، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحسب نتائج التقييم وتحميلهم المسؤولية القانونية والمالية الناجمة عن عدم تحقيق الخطط الإنتاجية، وتفويت فرص تحقيق الريعية الاقتصادية لشركاتهم وإعادة هيكلة الوزارة والمراكز الداعمة والهيكل التنظيمي ودور مديريات الصناعة والمراكز الداعمة، وتفعيل إدارة الموارد البشرية بما ينسجم مع مشروع الإصلاح الإداري وإعادة النظر بدور المؤسسات الصناعية، وإعادة التواصل مع المنظمات الدولية الخاصة بالتنمية الصناعية.
وأكد الوزير أن هذه الرؤية لا بد أن تتضمن أيضاً البحث عن أسواق خارجية لمنتجات القطاع العام وخاصة لدى أسواق الدول الصديقة، لتعظيم قيمة الصادرات السورية وتحسين الميزان التجاري وتوفير القطع الأجنبي من خلال التشبيك مع هيئة دعم الإنتاج المحلي والصادرات واتحاد المصدرين السوري.
وأشار الوزير إلى أهمية الاعتماد على المنتج الوطني والصناعات المرتبطة بعملية إعادة الإعمار مثل مشروعات الإسمنت، والزجاج، والسيراميك والحديد، ودمج عدد من الشركات مع بعضها البعض مثل شركة الأحذية مع شركتي دباغة دمشق وحلب وتحويل هذه الشركات إلى وحدات إنتاجية تحت مسمى الشركة العامة للجلديات، وإقامة العناقيد الصناعية والتركيز على سلاسل القيمة لتعظيم القيمة المضافة.
هناء غانم