| كتب المحرر السياسي
في أول حديث له بعد انتخابه، قال الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إنه لا مشكلة لديه مع الرئيس بشار الأسد وإن هدفه القضاء على داعش الذي يحاربه الجيشان السوري والروسي، مشيراً إلى أن لديه نظرة مختلفة تجاه الأزمة السورية وأنه على الأغلب سيتخلى عن دعم ما يسمى بالمعارضة المعتدلة لأنه «ليس لدينا فكرة من هم هؤلاء».
وجاء كلام ترامب بالتزامن مع معلومات صحفية تفيد أن الرئيس باراك أوباما أصدر تعليماته لتصفية قادة جبهة النصرة، وإذا صحت هذه المعلومات فهي تعني أن إدارة أوباما تريد فعلياً تصفية كل «شهود العيان» الذين تعاملت معهم أجهزة المخابرات الأميركية والغربية ووزارة الدفاع (البنتاغون) الذين قد يشكلون تهديداً مستقبلياً على القادة الأميركيين الحاليين المتورطين في جرائم حرب في سورية من خلال دعمهم المباشر لتنظيمات إرهابية، وخصوصاً إذا ما تذكرنا تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية التي أعلن فيها أنه «سيسجن» منافسته (السابقة) هيلاري كيلنتون إذا ما صار رئيساً على خلفية الاتهامات الموجهة إليها بدعم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست» التي أوردت خبر تصفية قادة جبهة النصرة، التي بات اسمها حالياً جبهة فتح الشام، فإن قرار أوباما يعكس توجهاً استباقياً من الرئيس الحالي لمواجهة «سياسة الرئيس المنتخب التي تتجه إلى ما يشبه تسليم الساحة إلى الجانب الروسي».
وكانت إستراتيجية أوباما تستند إلى دعم جبهة النصرة التي كان يصنفها البنتاغون بأنها وحدها القادرة على تشكيل تهديد فعلي على الرئيس بشار الأسد، وعمل البنتاغون على إخفاق الاتفاق الموقع مع روسيا في التاسع من أيلول الماضي الذي كان يقضي بمحاربة النصرة التابع لتنظيم القاعدة.
وتشير المعلومات الآتية من واشنطن أن ترامب ينوي مد يده لموسكو لمحاربة التنظيمات المتطرفة، وهذا من شأنه أن يضع معارضة الرياض في موقف صعب جداً، لكونها الداعم السياسي لتنظيم النصرة، وأعلنت مراراً دعمها ومؤازرتها وبالتعاون مع عواصم أوروبية وخاصة باريس التي صرح وزير خارجيتها لوران فابيوس في كانون الأول من عام 2012 أن «جبهة النصرة تقوم بعمل جيد»!
ووفقاً للمؤشرات الجديدة، فإن فرص إعادة إحياء مسار جنيف ستكون أكبر خلال ولاية ترامب، لكن لن يكون هذا المسار مرافقاً لمسار «الإرهاب» المتمثل بجبهة النصرة وداعش، بل يكون مساراً هدفه إيجاد حل سياسي يستند إلى رؤية دمشق في إنهاء الصراع ووقف نزيف الدماء.
وأشارت مصادر قريبة من معارضة الرياض لـ«الوطن» أن حالة من الانهيار تجتاح صفوفه، وخاصة أن رهانهم مع السعودية كان على فوز المرشحة كلينتون التي كانت ستؤجج الصراع في سورية وتستمر في سياسة الإدارة الحالية في دعم التنظيمات الإرهابية المسماة بـ«المعتدلة»، وأن خبر فوز ترامب جاء كالصاعقة التي ضربت صفوف هذه المعارضة.
ولطالما اعتمدت معارضة الرياض بشكل أساسي على جرائم النصرة وعلى المساحات التي يمكن أن يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، وعبرت هذه المعارضة عن فرحة عارمة حين شنت الميليشيات المسلحة بزعامة النصرة هجماتها الأخيرة على حلب قبل أن تندحر وتتم تصفية عدد كبير منهم.
وخلال الشهرين المتبقيين للإدارة الحالية، من المتوقع أن تعمل واشنطن على تصفية كل من سبق أن تعاونت معهم في سورية من قادة التنظيمات الإرهابية، وأن تكثف من ضرباتها لداعش في محاولة للحصول على «صك براءة» من دعم التنظيم الإرهابي الدولي الذي اتهم ترامب ليس فقط كلينتون بل والإدارة الحالية بتأسيسه ودعمه.
وبانتظار تسلم الرئيس الجديد مقاليد السلطة في واشنطن، فمن المتوقع أن نشهد أيضاً استدارة تركية لتتخلى أنقرة أيضاً عن الدعم المقدم للفصائل الإرهابية مثل أحرار الشام ونور الدين الزنكي وغيرهم، وذلك لكون الإدارة الأميركية المقبلة لن تقبل بوجود أي دعم يقدم لتنظيمات وفصائل سيتم استهدافها مباشرة من قبل الجيش الأميركي، كما لن تقبل أن تكون تركيا الحليف في «ناتو»، شريكاً لداعش والنصرة وغيرهما، لأن الهدف سيكون القضاء على كل هؤلاء وإغلاق الحدود التركية السورية ووقف تدفق الإرهابيين والمال والسلاح الخليجي، وقد يمنح ترامب «وكالة» عامة لروسيا للقيام بهذه المهمة بالتعاون مع الجيش السوري.